للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((الغياثي)) (١) -وقد ذكر أنّ الإمام لا ينعزل بذلك ما لفظه-: ((وهذا في نادر الفسق, فأمّا إذا تواصل منه العصيان, وفشا منه العدوان, وظهر الفساد, وزال السّداد, وتعطّلت الحقوق, وارتفعت الصّيانة, ووضحت الخيانة؛ فلا بدّ من استدراك هذا الأمر المتفاقم, فإن أمكن كفّ يده وتولية غيره بالصّفات المعتبرة, فالبدار البدار, وإن لم يكن ذلك لاستظهاره بالشّوكة إلا بإراقة الدّماء, ومصادمة الأهوال؛ فالوجه أن يقاس ما النّاس مدفوعون إليه /مبتلون به بما يفرض وقوعه, فإن كان النّاجز الواقع أكثر مما يتوقع؛ فيجب احتمال المتوقّع, وإلا فلا يسوغ التّشاغل بالدّفع, بل يتعيّن الصّبر والابتهال إلى الله تعالى)).

ومن ذلك ما ذكره أبو محمد بن حزم في الرّدّ على أبي بكر بن مجاهد المقرىء (٢) , فإنّه ادّعى الإجماع على تحريم الخروج على الظّلمة, فردّ ذلك عليه ابن حزم, واحتجّ عليه بخروج الحسين بن عليّ -رضي الله عنهما- وخروج أصحابه على يزيد, وبخروج ابن الأشعث, ومن معه من كبار التّابعين, وخيار المسلمين على الحجّاج بن يوسف. وقال ابن حزم: أترى هؤلاء كفروا؟ بل والله من كفّرهم فهو أحقّ بالتّكفير. ولقد يحقّ على المرء المسلم أن يزمّ لسانه, ويعلم أنّه مجزيٌّ بما تكلّم به, مسئول عنه غداً, قال: ولو كان خلافاً يخفى لعذرناه؛ ولكنّه أمر ظاهر لا يخفى على المخدّرات في


(١) (ص/١٠٥ - ١١٠) مع تصرف في النّصّ.
(٢) هو: أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد, صاحب كتاب ((السّبعة)) ت ... (٣٢٤هـ) , ((معرفة القرّاء الكبار)): (١/ ٢٦٩ - ٢٧١).