للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الماء, وهذا ممّا وافقت عليه المعتزلة, وهو يدلّ على جواز ما ذكرناه من صحّة تخيّل العاقل لما لا وجود له؛ لأنّ كلّ ذلك بصر كاذب في حال الصّحّة واليقظة؛ وإنّما كذب بخلل وقع وعذر اتّفق.

وهذه المرتبة الأولى من مراتب التّأويل, ذكرها أبو حامد الغزّالي وجعل منها حديث رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام, وهذا المثال غير مطابق؛ لأنّ الكلام في حال اليقظة غير (١) المنام, وكذلك أهل السّنة فإنّهم قد تأوّلوا أشياء بهذا التّأويل, ولكن بشرط المنام كما قالوا في حديث حمّاد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عبّاس في رؤية النّبي - صلى الله عليه وسلم - لربّه عزّ وجلّ على تلك الصّفة المنكرة, وقد ذكره الذّهبي في ترجمة حمّاد في كتاب ((الميزان)) (٢) وساق طريقه ثمّ قال: ((فهذه الرّؤية إن صحّت رؤية منام)).

وممّا جاء التّصريح في متن الحديث بأنّه كان في المنام قول أنس مرفوعاً في حديث المعراج: ((ثمّ دنا الجبار تعالى فتدلّى, فكان قاب قوسين أو أدنى)) (٣).


(١) في (س): ((دون)).
(٢) (٢/ ١١٦ - ١١٧) بنحوه.
(٣) أخرجه البخاري ((الفتح)): (١٣/ ٤٨٦) من طريق شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس, وقد خالف شريك في روايته لحديث الإسراء جماعة الحفاظ بأشياء, ذكر الحافظ في ((الفتح)): (١٣/ ٤٩٣ - ٤٩٤) انها تزيد على عشرة أشياء.
منها: أن الإسراء كان مناماً.
ونسبة الدّنو والتدلي إلى الله عزّ وجل, والمشهور في الحديث أنه جبريل.