للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علوم المعاني, وهو: حذف بعض الكلام لدلالة القرينة على حذفه, والقرينة الدّالّة هنا هي القرينة العقليّة كالقرينة في قوله تعالى: ((وسئل القرية التي كنّا فيها والعير)) [يوسف/٨٢] أي أهل القرية وأهل العير, قالوا: والمعنى: وجاء أمر ربّك أو عذابه أو نحو ذلك من المقدّرات المحذوفة.

فنقول: إذا كان مثل هذا صحيحاً عندكم صحّ في الحديث مثله فيقال: إنّ إسناد المجيء فيه إلى الله تعالى مجاز وهو في الحقيقة مسند إلى ملك من ملائكة الله. وقوله في الحديث: ((أنا ربّكم)) أي: رسول ربّكم, وكذلك قولهم: ((أنت ربّنا)) أي: رسول ربّنا, وإذا جاز تأويل لفظ على معنى جاز تأويله على ذلك المعنى, وإن كرّر مئة مرة, وهذا التأويل مفحم للمبتدعة, وقد كان /وقع في خاطري وكنت محباً أن أقف على مثل ذلك لأحد من أهل العلم لاستأنس بموافقته, فأسلم من وحشة الشّّذوذ, فوقفت عليه في ((شرح مسلم للنووي)) (١) -رحمه الله- ووجدته قد تأوّل الحديث بذلك فقال -رحمه الله- ما لفظه: ((وقيل المراد ((يأتيهم الله)) أي: يأتيهم بعض ملائكته. قال القاضي عياض: وهذا الوجه أشبه عندي بالحديث قال: ويكون هذا الملك الذي جاءهم في الصّورة التي أنكروها من سمات الحدث (٢) الظّاهرة على الملك والمخلوق, قال: أو يكون معناه يأتيهم الله في صورة, أي: بصورة ويظهر لهم من صورة ملائكته ومخلوقاته التي لا تشبه صفات


(١) (٣/ ١٩ - ٢٠).
(٢) في (س): ((الحدوث)).