للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صفات المخلوقين كلما [كثرت] (١) كانت أظهر دلالة على التّجوّز, وعلى حذف المسند إليه, وكان هذا أشبه بالاستعارة المجرّدة (٢) التي يذكر فيها صفات المشبّه مثل قولنا: أسد شاكي السّلاح, حسن الثّياب, لطيف الأخلاق, فصيح الكلام, ونحو ذلك من تكثير القرائن اللفظيّة الدّالّة على التّجوّز, ولو أنّه بعد إسناد الإتيان إلى الله تعالى ذكر الصّفات المختصّة بالله تعالى كان أبعد عند أهل الصّنعة من التّجوّز, وكان أشبه بالاستعارة المرشّحة التي يذكر بعدها صفات المشبّه به كقوله في البيت المشهور:

* له لبد أظفاره لم تقلّم *

ونحو ذلك, وقد تقدّم ذكر ذلك في المقدّمة السّادسة في المرتبة الثّانية من مراتب التّأويل (٣) , وإنّما قلنا: إنّ هذا الوارد في الحديث مثل المجاز الوارد في القرآن عند أهل التأويل؛ لأنّ كلّ واحد منهما مجاز في الإسناد وحذف المسند إليه من طرق الإيجاز في الكلام, وكلّما أردف التّجوّز من صفات المحذوف أو المذكور لم يكن في ذلك شيء من التّجوّز, وإنّما تكون فيه قرائن لفظية تدلّ على المبالغة في إظهار المقصود أو المبالغة في معنى التّجوّز, وأمّا التّجوّز فليس إلا في الإسناد على ما يعرفه علماء المعاني والبيان, والله أعلم.

وقد أبرق المعترض وأرعد على البخاري - رضي الله عنه -


(١) في (أ) و (ي): ((ذكرت)) والمثبت من نسخة صحيحة كما في هامش (أ) و (ي) , ومن (س).
(٢) في (ي): ((بالمجاز المجرّد)) , وكذا في هامش (أ) في نسخة.
(٣) (ص/٤٢٧).