للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ} دفعتان مفترقتان. فلو طلقها ثلاثاً بلفظ واحد: لم يقع إلا واحدة (انظر مبحث الطلاق بآخر الكتاب. وانظره أيضاً مفصلاً في «زاد المعاد» لابن قيم الجوزية) {تَسْرِيحٌ} تطليق {بِإِحْسَانٍ} من غير إجحاف ولا مضارة {وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ} أي حرام عليكم {أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ} من المهر وغيره {إِلاَّ أَن يَخَافَآ} الزوجان {أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} بأن يخشى الزوج أن يسيء معاملتها - لكراهته لها - أو أن تسيء عشرته - لبغضها له - {فَإِنْ خِفْتُمْ} أيها الحكام. قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَآ} {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ} لا إثم ولا حرج {فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} نفسها؛ من

⦗٤٤⦘ رد ما أخذته - إن كانت كارهة له - ولا يجوز للزوج أن يأخذ أكثر مما أعطى؛ إذ هو ظلم بين، ودليل على خسة الطبع، ودناءة النفس وحكمة رد المهر: أنها له كارهة، ولصحبته مبغضة؛ وهو في حاجة للتزوج بغيرها؛ فوجب أخذ ما دفعه ليمهر به سواها. أما إذا كان هو الكاره لها، المائل عنها لغيرها؛ فلا يحل له أصلاً أن يأخذ شيئاً مما آتاها {أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً} هذا وقد جاءت جميلة بنت سلول - وكانت زوجاً لثابتبن قيس - إلى النبي، وقالت له: يا رسول الله إني لا أعتب على ثابت في دين ولا خلق؛ ولكني أخشى الكفر بعد الإسلام؛ لشدة بغضي له فقال لها سيد ولد آدم: «أتردين عليه حديقته التي أصدقك؟» قالت: نعم وزيادة. فقال: «أما الزيادة فلا؛ ولكن حديقته». فأخذها ثابت وخلى سبيلها. وهذا أول خلع في الإسلام.

وقال بعض الفقهاء بجواز أخذ شيء من مالها. ولا حجة لهم فيه: لقوله تعالى: {وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً} واستثنى من ذلك بقوله جل شأنه {إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} أي في هذه الحال فقط يحل أخذ بعض المهر أو كله، في حدود قوله تعالى: {مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ} من المهور والهدايا ونحوهما (انظر آية ٢٠ من سورة النساء)