للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ} الذي طابت تربته، وعذبت مشاربه {يَخْرُجُ نَبَاتُهُ} ثمراته وخيراته

{بِإِذْنِ رَبِّهِ} بقدرته وحكمته، وفي هذا إشارة إلى أن إخراج النبات والثمرات - ولو أن سببه صنع البشر رأي العين - لا يكون إلا بإذن الحكيم العليم، الخالق القادر {وَالَّذِي خَبُثَ} أي والبلد الذي خبثت تربته، وأسنت مشاربه {لاَ يَخْرُجُ} نباته {إِلاَّ نَكِداً} رديئاً مصاباً بالعاهات والآفات؛ وهذا مشاهد في وقتنا الحاضر؛ إذ أصيب الثمار والنبات بسائر ضروب المعاطب؛ وما ذاك إلا بجناية الخلق على أنفسهم: بنسيانهم الأعز الأكرم، المتفضل بسائر النعم، وانصرافهم عن إلههم ومولاهم ويصح أن يكون ذلك مثالاً للمؤمن والكافر؛ ويكون معنى قوله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ} أي أهله؛ وهو كقوله جل شأنه {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} أي أهلها {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ} الذي يعمل أهله بجد واجتهاد

⦗١٨٨⦘ في دينهم ودنياهم {يَخْرُجُ نَبَاتُهُ} أي ثواب إحسانهم وإيمانهم كثيراً غزيراً {بِإِذْنِ رَبِّهِ} بتفضله وإحسانه؛ وهو الجنة، وأنعم بها من منة {وَالَّذِي خَبُثَ} أي الذي خبث أهله، وساءت أعمالهم، وكفروا بربهم؛ وركنوا إلى الكسل والخمول {لاَ يَخْرُجُ} نباته {إِلاَّ نَكِداً} أي ثواب أعمالهم النار وبئس القرار ويجوز أن يكون المراد بالبلد: الجسد.

وطيبه: أكل الحلال، والابتعاد عن كل ما هو حرام. ونباته: أعماله؛ تخرج كلها حسنة، مليئة بالطاعات، موصلة إلى الجنات والجسد الذي خبث بأكل الحرام، وارتكاب الآثام: لا يخرج عمله إلا سيئاً؛ موصلاً إلى النار، وغضب الجبار فكذلك بنو آدم: خلقوا من نفس واحدة - بل من طينة واحدة - فمنهم من آمن ب الله وكتبه ورسله؛ فطاب ومنهم من كفر ب الله وكتبه ورسله فخبث (انظر آية ١٧٢ من سورة البقرة) {كَذلِكَ} أي مثل هذه الأمثال التي نضربها، والآيات التي نسوقها {نُصَرِّفُ الآيَاتِ} نوضحها ونبينها، ونكررها