للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلب الثالث

الإجازة المرضية

لا شك أن المرض ابتلاء من الله عز وجل، وهو ما يؤثر سلباً على قدرة العامل الإنتاجية، وقد يحول في بعض الحالات دون قيام العامل بالعمل، ويندرج استحقاق العامل تحت الرحمة بالإنسان كونهم إخواناً لأصحاب العمل، والأخ لا بدّ وأن يكون رحيماً بأخيه، فيعينه على التغلب على مرضه، لهذا كله جاء قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" إخوانكم خَولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم" (١).

ولقد رأينا فيما تقدم أن أصل استحقاق العامل لأُجرته هو استيفاء المستأجر للمنافع، فإذا لم يستوف المستأجر المنافع فلا أجر للعامل، وعليه فقد نصّ بعض الفقهاء على أن العامل لا يستحق الأجرة إذا مرض وانقطع عن العمل بعذر أو بغير عذر، حيث جاء في المبسوط:" ولو كان يبطل من الشهر يوماً أو يومين حوسب بذلك من أجره، سواء كان من مرض أو بطالة لأنه يستحق الأجر بتسليم منافعه، وذلك ينعدم في مدة البطالة، سواء كان بعذر أو بغير عذر" (٢)، أما الموقف القانوني من الإجازة المرضية فقد نصّ قانون العمل الفلسطيني في المادة رقم (٧٩) على أنه:" بناءً على تقرير اللجنة الطبية يستحق العامل إجازة مرضية مدفوعة الأجر خلال السنة الواحدة مدتها أربعة عشر يوماً، وبنصف الأجرة لمدة أربعة عشر يوماً أخرى" (٣) والمتأمل في هذه المادة يتبين له بعض الملاحظات عليها منها:

١. إن تحديد الموافقة على الإجازة المرضية الطارئة بوجود تقرير اللجنة الطبية المعتمدة من جهة التشغيل فيه من التضييق على العامل، إذ قد لا يجرؤ على طلب الإجازة المرضية ليوم واحد خوفاً من عناء المراجعات والانتظار للحصول على تقرير هذه اللجنة.

٢. يستحق العامل هذه الإجازة مرة واحدة في السنة الواحدة، ولم يتبين موقف القانون من مرض العامل مرة أخرى.

٣. يرى الباحث أن جعل الإجازة مدفوعة الأجر كاملاً أربعة عشر يوماً قليل نسبياً.

٤. ينبغي التدرج في احتساب الأجر خلال الإجازة المرضية، فعلى سبيل المثال لو بُدء بشهر كامل تكون الإجازة بأجر كامل، ثم يُعطى العامل مدة عشرين يوماً أخرى بثلثي الأجر، وإن كان هناك حاجة


(١) سبق تخريجه ص ٦٩.
(٢) السرخسي، المبسوط، ج١٥، ص ١٦٢.
(٣) وزارة العمل، قانون العمل الفلسطيني، ص ٣٣.