للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلب الثاني

أُسس اختيار العمال في الشريعة الإسلامية وقانون العمل الفلسطيني

تعدُّ الأسس والضوابط التي يتم بناءً عليها اختيار العامل مظهراً من مظاهر النزاهة، والقاعدة الأساسية لبناء مجتمع مسلم، هو أقرب ما يكون شبيهاً للمجتمعات التي مضت؛ وذلك لأنها تستهدف إيجاد شخص مناسب يستطيع القيام بالمهام الموكلة إليه على أحسن وجه، ومن أجل ذلك وضعت اعتبارات وضوابط ينبغي مراعاتها عند تشغيل أي عامل، وهي ما وردت في القرآن الكريم في سورة القصص على لسان ابنة شعيب عند تزكيتها لموسى عليهما السلام، وكذلك ما ورد في سورة يوسف عليه الصلاة والسلام على لسانه حينما طلب ولاية الأرزاق من ملك مصر.

وسأتحدث عن هذه الضوابط، مع إضافة ما رأيته مهماً في اعتماد العمال والموظفين، وقد جمعت شتاتها من بعض الكتابات الصحفية والمواقع الإلكترونية، وهي على النحو الآتي:

١. الإسلام: ولم يرد- حسب علمي- من اشترط أن يكون العامل مسلماً، بل ورد لنا في كتب التاريخ ما يفيد تشغيل غير المسلمين، و رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعمل دليلاً مشركاً في هجرته، حيث لم يجد أقدر منه على هذه المهمة، ولكن الحديث هنا عن الوظائف المهمة والتي ينبغي أن تُسند للمسلم دون غيره، ويُستدل على ذلك بقول الله - سبحانه وتعالى -: {وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} (١) ووجه الاستدلال من هذه الآية الكريمة أن الله منع ولاية الكافر على المسلم، أما إذا تنافس مسلم وغير مسلم على وظيفة إدارية، أو عمل بمشغل فينبغي مراعاة العدل في التنافس، ويُقدَّم الأكفأ والأصلح لهذا العمل، بشرط أن لا يكون هذا العمل مما يتضمن أسراراً للمسلمين ينبغي على غيرهم أن لا يطلع عليها.

في حين يجب على ولي الأمر منع تشغيل غير المسلم في بعض الحالات استناداً للمصلحة المرسلة التي يراها ولي الأمر، ومنها انتشار البطالة بين أبناء المسلمين، ففي مثل هذه الأحوال يتجه أرباب العمل لتشغيل غير المسلم خصوصاً العمال الأجانب نظراً لقلة أجرتهم، فينبغي البدء بتشغيل المسلم إذا لم يوجد فرصة عمل إلا لهم؛ لأنه بتشغيله يُساعد على تقليل نسبة الفقر في المجتمع المسلم.

٢. الأمانة: ومعروف أن الأمانة تتعدى المعنى المعروف لدى عوامّ الناس، وهو إرجاع الأشياء العينية لأصحابها، لتشمل الأمانة في العمل، والأمانة في نقل المعلومات، وكذلك التعامل مع المهنة ومكان العمل.


(١) سورة النساء، آية رقم ١٤١.