للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلب الخامس

التعويض والضمان

ونعني بذلك تعويض العامل صاحب العمل عما يلحقه من ضرر بسببه، وقد سبق الحديث أن الأجير الخاص صاحب يد أمانة؛ وذلك لأن العين أمانة في يده كونه قبضها بإذن ربّ العمل، وقد اختلف الفقهاء في ضمانه، فاعتبر المالكية أنه لا ضمان عليه، وحتى لو شرط عليه الضمان، فهو شرط يناقض العقد، ويُفسد الإجارة، وإن وقع الشرط فسدت الإجارة (١)، ومن فقهاء الشافعية من اعتبر الأجير الخاص كالمشترك فيضمن ما تلف في يده، وذلك صيانة لأموال الناس (٢)، وهناك من الحالات التي يتحمل الأجير الخاص ضمان ما أتلفه، منها ما هو متفق عليها بين الفقهاء قديماً، ومنها ما هو مُختلف فيها، أما الحالات المُتفق عليها بين الفقهاء فهي حالتان:

الحالة الأولى: التعدّي، وهو "مجاوزة ما ينبغي الاقتصار عليه شرعاً أو عرفاً" (٣)، وقد اتفقت كلمة الفقهاء على أن مخالفة أمر المستأجر صراحة أو دلالة موجب للضمان. (٤)

الحالة الثانية: التفريط، وهو" تجاوز الحدّ من جهة النقصان والتقصير، والإفراط يستعمل في تجاوز الحدّ من جانب الزيادة والكمال" (٥)، واتفق الفقهاء على أن يد الأمين تنتقل بالتفريط إلى يد ضمان (٦)، ويُرجع عادة في تحديد التفريط الموجب للضمان إلى عُرف الناس وعادة الصنّاع وأهل المهنة.

أما الحالات المختلف فيها فهي على النحو الآتي:


(١) القرافي، أحمد بن إدريس، الذخيرة، تحقيق مجموعة من المحققين، ج٥، ص٥٠٥، ط١، ١٩٩٤م، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، حقق هذا الجزء محمد بوخبزة. القيرواني، الفواكه الدواني، ج٢، ص١٨٦.
(٢) الشيرازي، إبراهيم بن علي، المهذب في فقه الإمام الشافعي، تحقيق الشيخ عادل عبد الموجود والشيخ علي محمد عوض، ط١، ج ١، ص٤٣١، دار المعرفة، بيروت، لبنان.
(٣) المرغيناني، الهداية شرح بداية المبتدي، ج٣، ص١٢٨٩. القرافي، الذخيرة، ج٥، ص٥٠٧.الشربيني، مغني المحتاج، ج٢، ص٢٦٧. البهوتي، كشاف القناع، ج٤، ص١٦٦.
(٤) ابن عابدين، رد المحتار على الدرّ المختار، ج٩، ص٩٦. الشربيني، مغني المحتاج، ج٢،ص٢٦٤. القرافي، الذخيرة، ج٥، ص٥٠٧.البهوتي، كشاف القناع، ج٤، ص ٣٢.
(٥) الجرجاني، التعريفات، ص ٣٣.
(٦) ابن عابدين، ردّ المحتار على الدرّ المختار، ج ٩، ص٩٥. الدسوقي على الشرح الكبير٤، ص ٤٠. الشربيني، مغني المحتاج، ج٢،ص٢٦٧. البهوتي، كشاف القناع، ج٤، ص ٣٣.