للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَقَالَ رَحِمَهُ الله: (١) الْنَّظَرَةُ بِمَنْزِلَةِ الْشْرَارَةِ مِنَ الْنَّارِ؛ تُرْمَى في الْحَشِيْشِ الْيَابِس ِ؛ فَإِنْ لَمْ تُحْرِقْهُ كُلَّهُ أَحْرَقَتْ بَعْضَهُ.

وَقَدْ قِيْل:

كُلُّ الْحَوَادِث ِ مَبْدَاهَا مِنَ الْنَظَر ِ ... وَمُعْظَمُ الْنَّار ِ مِنْ مُسْتَصْغَر ِ الْشَرَر ِ

كَمْ نَظْرَةٍ فَتَكَتْ في قَلَبِ صَاحِبِهَا ... فَتْكَ الْسِهَام ِ بِلاَ قَوْس ٍ وَلاَوَتَر ِ

وَقَالَتْ: أُخْرَى تَشْكُوى الْبَلْوَى.

ذَهَبْتُ بِعَقْلِي في هَوَاه ُ صَغِيْرَةً ... وَقَدْ كَبُرَتْ سِنِي فَرُدَّ بِهَا عَقْلِي

وَ إِلا فَسَوي الْحُبَّ بِيْنِي وَبِيْنَهُ ... فَإنَّكَ يَا مَوْلاَي تُوْصَفُ بِالْعَدْلِ

وَقاَلَ بْنُ الْقَيْمِ رَحِمَهُ الله: وَمَنْ أَطَلَقَ نَظَرَهُ؛ دَامَتْ حَسْرَتُهُ؛ فَأَضَرُّ شَيءٍ عَلَى الْقَلْبِ إِرْسَالُ الْبَصَرِ؛ فَإِنَّهُ يُرِيْهِ مَا لاَ صَبْرَ لَهُ عَنْهُ , وَلاَ وَصُوْلَ لَهُ إِليْهِ؛ وَذَلِكَ غَايَةُ أَلَمِهِ وَعَذَابِهِ. (٢)

وَقَدْ قِيْل:

وَأَنْتَ مَتَى أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رَائدَاً ... لِقَلْبِكَ يَوْمَاً أَتْعَبَتْكَ الْمَنَاظِرُ

رَأَيْتَ الذي لاَكُلَّهُ أَنَتَ قَادِرٌ ... عَلَيْه ِ وَلاَ عَنْ بَعْضِهِ أَنْتَ صَابِرُ

وَقَالَ رَحِمَهُ الله: (٣) وَالْنَّاظِرُ إِنَّمَا يَرْمِي مِنْ نَظَرِهِ بِسِهَامٍ هَدَفُهَا قَلْبُهُ.

ثُمَّ أنشدَ رَحِمَهُ الله:

يَا رَامِيَاً بِسِهَام ِ اللَّحْظ ِمُجْتَهِدَاً ... أَنْتَ الْقَتِيْلُ بِمَا تَرْم ِ فَلاَ تُصِب ِ

وَبَاعِثَ الْطَّرْف ِيَرْتَادُ الْشِفَاءَ لَهَ ... تَوَقَّهُ إِنَّهُ يَأْتِيْكَ بِالْعَطَبِ


(١) روضة المحبين ص١١٤
(٢) روضة المحبين ص١١٣
(٣) روضة المحبين ص١١٣

<<  <   >  >>