للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٦٤١٠ - عنه: خرجنا في حجاج قومنا من المشركين، وقد صلينا ومعنا البراء بن معرور سيدنا، وقال لنا: إني رأيتُ أن لا أدع الكعبة مني بظهرٍ، وأن أصلي إليها، قلنا لا تفعل، ونبينا - صلى الله عليه وسلم - إنما يصلي إلى الشام، وكنا إذا حضرت الصلاة صلينا إلى الشام، وصلى إلى الكعبة،

⦗٥٤٤⦘ حتى قدمنا مكة فذهبتُ معه إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فوجدناه مع العباس فسلمنا عليه، فقال لعمه: أتعرف هذين؟

قال: نعم، هذا البراء بن معرورٍ سيد قومه، وهذا كعب بن مالكٍ، فوالله ما أنسى قوله - صلى الله عليه وسلم -: الشاعرُ؟

قال: نعم، فأخبره البراء بصلاته إلى الكعبة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: لقد كنت على قبلةٍ لو صبرت عليها، فرجع البراء إلى قبلة الشام، وأهله يزعمون أنه صلى إلى الكعبة حتى مات، وليس كذلك، نحن أعلم به منهم.

قال: وخرجنا إلى الحج فواعدنا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - العقبة من أوسط أيام التشريق، وكنا نكتم أمرنا من معنا من المشركين، منهم عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر، فأخبرته ودعوته إلى الإسلام فأسلم وشهد معنا العقبة نقيبًا، فبتنا تلك الليلة في رحالنا إلى ثلث الليل، فخرجنا نتسلل مستخفين حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة سبعون رجلاً وامرأتان، نسيبةُ بنت كعب النجارية

⦗٥٤٥⦘ وأسماء بنت عمرو السلمية، فجاءنا - صلى الله عليه وسلم - ومعه عمهُ العباس وهو يومئذٍ على دين قومه إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ويوثق، فلما جلسنا كان العباس أول من تكلم فقال: يا معشر الخزرج إن محمدًا منا حيث علمتم، وقد منعناه من قومنا وهو في عز ومنعةٍ في بلده، فقلنا قد سمعنا ما قلت: فتكلم يا رسول الله فخذ لربك ولنفسك ما أحببت، فتكلم فتلا ودعا إلى الله ورغَّب في الإسلام فقال: ((أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم) فأخذ البراء بن معرور بيده فقال: نعم والذي بعثك بالحق لنمنعك مما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أهل الحرب.

وقال أبو الهيثم بن التيهان: يا رسول الله إنَّ بيننا وبين الرجال حبالاً أي عهودًا وإنا قاطعوها، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك وأظهرك الله أن ترجع وتدعنا؟ فتبسم - صلى الله عليه وسلم - وقال: ((بل الدم الدم، والهدمُ الهدمُ، أنا منكم وأنتم مني أحاربُ من حاربتم وأسالم من سالمتم))، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أخرجوا إلىَّ اثني عشر نقيبًا يكونون على قومهم))، فأخرجوا تسعةً من الخزرج وثلاثةً من الأوس، فلما بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرخ الشيطانُ بأنفذ صوتٍ سمعته: يأهل الجباجب أي المنازل هل لكم في مذمم والصباة معه قد أجمعوا على حربكم فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((هذا أزبُّ العقبة ارتفعوا إلى رحالكم)

⦗٥٤٦⦘ فرجعنا فلما أصبحنا غدت علينا جلةُ قريشٍ فقالوا: يا معشر الخزرج بلغنا أنكم جئتم إلى صاحبنا تستخرجونه من بين أظهرنا وتبايعونه على حربنا، والله ما من العرب أحدٌ أبغض إلينا أن تنشب الحرب بيننا وبينهم منكم، فانبعث مشركو قومنا يحلفون لهم بالله ما كان من هذا شيءٌ وما علمناه، وصدقوا لم يعلموا ما كان منا، فقام القوم وفيهم الحارث بن هشام ابن المغيرة وعليه نعلان جديدان فقلت كلمةٌ: كأني أريد أن أشرك القوم بها: أما تستطيع يا أبا جابر وأنت سيدنا أن تتخذ نعلين مثل نعلي هذا الفتى من قريشٍ؟

فسمعها الحارث فخلعهما ورمى بهما إلىَّ، قال: والله لتنتعلنهما. فقال أبو جابر: أحفظت والله الفتى، أردد عليه نعليه فقلت: والله لا أردهما فألٌ والله صالحٌ لئن صدق الفأل لأسلبنه. لأحمد والكبير (١).


(١) أحمد ٣/ ٤٦١، والطبراني ١٩/ ٨٧، قال الهيثمي ٦/ ٤٣ - ٤٥: رجال أحمد رجال الصحيح، غير ابن إسحاق، وقد صرَّح بالسماع. وصححه الألباني في فقه السيرة صـ ١٤٦.