للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا درج أصحابه رضي الله تعلى عنهم، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قد عُلم حاله من الاخشيشان والضيق الذي اختاره لنفسه ولم يفرضه عليه أحد، وقد لقي يوماً جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه وقد ابتاع لحماً بدرهم، فقال: ما هذا ياجابر؟ قال: قَرِم أهلي - أي اشتدت شهوتهم - فابتعت لهم لحماً بدرهم، فجعل عمر يردد: قَرِم أهلي، حتى تمنيت أن الدرهم سقط مني ولم ألقَ عمر، وفي رواية: أوَكلما اشتهيتم اشتريتم؟ (١)

قال الإمام الحَلِيمي (٢) معلقاً على هذه الحادثة:

((لا ينبغي أن تعود النفس، ربما تميل به إلى الشره ثم يصعب تداركها، ولتُرَضْ من أول الأمر على السداد - أي على الاستقامة في المأكل والمشرب وعدم الفساد بالتوسع فيهما - فإن ذلك أهون من أن تدرب على الفساد ثم يجتهد في إعادتها إلى الصلاح، والله أعلم)) (٣).

وجاء رجل إلى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فسأله: ألسنا من فقراء المهاجرين؟ فقال له


(١) سنن البيهقي.
(٢) الحسين بن الحسن بن محمد البخاري الحَليمي. المتوفى سنة ٤٠٣. انظر ترجمته في: ((سير أعلام النبلاء)): ١٧/ ٢٣١.
(٣) المصدر السابق.

<<  <   >  >>