للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين الحقوق المختلفة يضعف عن إكمال مسيرته.

وقد يقول قائل: إن السلف كانوا يطلبون العلم ولا يفكرون في غيره من الأمور المذكورة, وأقول لمن يقول ذلك: هات نساء كنساء السلف, وهات معيشة كمعيشتهم, ثمّ يصح لك بعد ذلك قياسك.

وهاك أمثلةً توضح مدى انشغال طالب العلم به, فقد قال سفيان بن عيينة (١) رحمه الله تعالى:

((لا تدخل هذه المحابر بيت رجل إلا أشقى أهله وولده)) (٢).

أي أشقاهم بكثرة انشغاله عنهم, وانشغاله عن طلب الرزق.

وسأل رحمه الله رجلاً: ((ما حرفتك)

قال: طلب الحديث.

فقال له: ((بشِّر أهلك بالإفلاس)) (٣)

أي أنه لأجل حرفته هذه لن يطلب عملاً دنيوياً يُغني به أهله.

وقالت بنت أخت الزبير بن بكار (٤) لزوجه:

((خالي خير رجل لأهل لا يتخذ ضَرَّة ولا سُرِّية (٥) , فقالت المرأة: والله


(١) الإمام سفيان بن عيينة بن ميمون الهلالي, أبو محمد الكوفي ثم المكي, ثقة حافظ, فقيه إمام حجة, توفي سنة ١٩٨ وله ٩١ سنة, انظر ((التقريب)): ٢٤٥.
(٢) ((نزهة الفضلاء)): ٢/ ٦٧١.
(٣) ((نزهة الفضلاء)): ٢/ ٦٧١.
(٤) العلامة الحافظ, النسابة, قاضي مكة وعالمها, أبو عبد الله بكار بن عبد الله القرشي الأسدي الزبيدي. ولد سنة ١٧٢. وتوفي بمكة سنة ٢٥٦ رحمه الله تعالى. انظر ((سير أعلام النبلاء)): ١٢/ ٣١١ - ٣١٥.
(٥) أي الجارية المتخذة للتسري وهو الجماع.

<<  <   >  >>