للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يكاد يمر يوم إلا تحمل لنا الأحداث الجارية في الساحة الدولية نذر صدام ديني وحضاري بين ما يدعى بالثقافة اليهودية المسيحية الغربية، والثقافة العربية الإسلامية. فنقاط التماس كثيرة، إلى درجة أن هانتغتون قال بأن حدود الإسلام المختلفة (دامية). فمن هذه الساحات: المعترك الفلسطيني حيث الصراع العربي الصهيوني يقدم خطأ في الإعلام الغربي و كأنه صراع بين اليهودية والإسلام. ومن هذه الساحات الحروب الأهلية في السودان وفي بعض مناطق إفريقيا مثل ساحل العاج وإرتريا ونيجيريا. حيث تطرح العلاقة بين الديانتين المسلمة والمسيحية إشكالات حادة. و بعد أحداث ١١ سبتمبر، نشطت بعض المجموعات المتطرفة في الولايات المتحدة الأمريكية ضد الإسلام والمسلمين رابطة خطأ بين الإسلام والإرهاب، من منظور كون الإسلام يدعو للتعصب والكراهية والعنف. وفي منطقتنا كررت بعض الأصوات المتشددة مقولات مماثلة، ومعتبرة إختلال الموازين في التعامل مع القضايا العربية والإسلامية العادلة عدوانا وحربا ضد الإسلام.

إن هذا الوضع المتأزم الذي تدفعه التيارات المتطرفة من الجانبين للإنفجار، يستدعي من العقلاء المنصفين من الديانات السماوية الثلاث الوقوف بحزم ضد الغلو والتشدد والإرهاب، بتوظيف قيم السلم والتسامح التي تزخر به النصوص المقدسة (١). ولهذا دعي الكثيرون أنه حيال هذا العالم المعقد المتشابك المهدد، لابد من حوار يكفل اجتماع الفرقاء والشركاء، ويضمن احتواء ما أمكن من أزمات وكدمات تبدأ صغيرة أو وطنية وتتدرج لتطال أمداً بعيداً (٢). فلم يعد بالإمكان - في هذا العصر - تقوقع الذات عن الآخر، إذ أصبح تشابك العلاقات الإنسانية، وما تواجهه من تحديات تجاه قضايا مشتركة، يفرض على الذات ان تدخل في الحوار، من أجل المصلحة العامة التي تجمع بين البشر، بطريقة وبأخرى، وهذا الواقع يؤكد ان مسألة الحوار بين الأديان والحضارات ترقى إلى مستوى الضرورة التي ينبغي ان تقابل بالجدية


(١) الحوار الإسلامي مع الأديان التوحيدية الأخرى: الخلفيات و الآفاق - عبد الملك منصور حسن المصعبي http://www.science-islam.net/article.php٣?id_article=٦٩٠&lang=ar
(٢) حوار الحضارات والثقافات: رؤية في حوار الحضارات وصراع الأمم- بقلم الحسين ولد مدو- http://www.akhbarnouakchott.com

<<  <  ج: ص:  >  >>