للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسبب التشابه الكبير بين ما جاء به الإسلام وبين ما هو موجود في كتبهم .. هذا بالإضافة إلى أنهم كانوا ينتظرون ظهور نبي في بلاد العرب كما جاء في البشارات الموجودة في كتبهم. ولذلك كان الرسول الكريم يطمع في ان يكون اهل الكتاب عوناً له في استئصال الشرك والكقر من الجزيرة العربية اولا ثم نشر الدعوى للعالمين.

وقد جاءت اولى بوادر ذلك الموقف من النجاشي ملك الحبشة الذي احتضن المسلمين وأمنهم من غذر واضطهاد قريش حتى اشتد عودهم وعادوا إلى مكه ليستمروا في دعوتهم، حيث تطلع الرسول الكريم إلى موقف اقوى من اهل الكتاب من الدين الجديد فاسلم قليل منهم وبقى جزء كبير على دينهم ودخل الرسول معهم في حوارات ومجادلات كثيرة، فرد عليهم القرآن وعلم النبي كيف يجادلهم بالتي هي أحسن بأسلوب منطقي يقدم الحق جلياً من غير التعرض لشخصيات الأنبياء ولا لرسالتهم (١)، حيث نهى القرآن عن مجادلة أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن في قوله تعالى:"ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا: آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون" (سورة العنكبوت: الآية ٤٦) ففي قوله تعالى لا تجادلوا نهي عن مبادئتهم بالجدال في نصوص وطقوس دينهم وفي قوله إلا بالتي هي أحسن استثناء يجيز الرد عليهم إذا بدءونا بالجدال، فليكن الرد عليهم بالتي هي أحسن حتى لا نتعرض لنبيهم ولا لكتابهم (٢) ومن التي هي أحسن، ذكر مواضع الاتفاق بين المتجادلين والانطلاق منها إلى مواضع الخلاف، أما مواضع الاختلاف، فالحكم فيها إلى الله يوم القيامة، يقول تعالى: "وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون، الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون" (سورة الحج: الآية ٦٨).


(١) آدم عبد الله الألورى: تاريخ الدعوة إلى الله بين الأمس واليوم - ص ٢٤٧
(٢) المصدر السابق: ص ١٣٥

<<  <  ج: ص:  >  >>