للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأرض كلها أرض الله. لكن أن تكون هذه المصالح وحيدة الجانب، أي مجرد مطامع للغرب في بلاد المسلمين، لا يهمه سوى كيف يستخلصها منهم فهذا هو ما يرفضه الإسلام ويرفضه المسلمون، بل ويرفضه كل إنسان سوي. المسلمون ليسوا مجرد أرض تنهب، ثم ترش بالماء لتخصب، فتنهب من جديد، وليسوا بقرة تعلف لتحلب. المسلمون بشر كما الغربيون بشر! لهم مثلهم حق الحياة، وحق الكرامة، وحق السيادة على أنفسهم وأرضهم. المسلمون قوم ككل الأقوام، لهم شخصيتهم المتميزة، وحقوقهم المستقرة، وهويتهم الواضحة، وحضارتهم المتفردة، ولهم في بلاد الغرب مصالح، كما للغربيين في بلادهم مصالح، ولهم في بلاد الشرق مصالح، كما للشرقيين في بلادهم مصالح، تستخرج ويتم تبادلها بالتعاون والوفاق، لا بالقهر والإلزام.

فإذا أقر الغرب بتبادل المنافع والمصالح، وتلاقح الأفكار والرؤى، وتمازج الثقافات وتعاون الحضارات، فلا يبقى ثمة للغرب أي مبرر للخوف على مصالحه. والقلق على مستقبل علاقاته مع المسلمين، في ظل حكم الإسلام، لأن الإسلام يقوم على السلام والتعاون، والعلاقات الدولية السليمة، ويؤكد على الالتزام بالعقود والوفاء بالعهود، واحترام المواثيق والمعاهدات، وان رجال الإسلام، هم في الحقيقة والواقع خير من يمثل هذه المبادئ والقيم الإسلامية، ويفي بالعهود والمواثيق، وهم بريئون كل البرائة من تهم الجمود والتحجر والعنف والإرهاب والتطرف وما إلى ذلك من هذه النعوت الظالمة، التي لا تمت إلى الواقع بصلة.

أما إذا أنكر الغرب هذا المبدأ، كما يفعل اليوم، ولم يهتم الا بمصالحه فقط، وراح يغلفها بالديمقراطية والحرية والنظام الدولي الجديد، والعولمة وسوى ذلك مما يتوسل به الغرب لتحقيق مطامحه ومطامعه الخاصة، والوصول إلى التسلط على المسلمين والسيطرة على بلادهم ومقدراتهم، ونهب ثرواتهم، وشل أراداتهم، - كما هو حاله اليوم - وجرّد إعلامه، وسلاحه الثقافي والتقني، وجرّ أساطيله الاقتصادية والسياسية والعسكرية لحرب المسلمين، ومسخ هويتهم ومحق شخصيتهم - كما فعل دائماً ولا يزال يفعل اليوم - فان تخوفه حينئذ سيكون مبرراً، وإن قلقه سيكون في محله لأنه لن يجد المسلمين مطواعين لرغباته وممارساته تلك، ولن يكون الغرب الا خاسراً في معركته تلك، إن آجلاً أو عاجلاً، وحينئذ لن تكون نتيجة العدوان

<<  <  ج: ص:  >  >>