للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرخ المتعاظم في العالم، ستتقاقم البطالة والإقصاء والعنف والمخدرات. إن هذا نداء للمقاومة ضد تفريغ العالم من المعنى، ونداء لتشييد عالم موحد وواحد، يتأسس على مبادئ تختلف تماما عن تلك المبادئ التي قادت الغرب بأجمعه إلى الإنحطاط، وقادت العالم إلى الاحتضار. فلقد ماتت الآمال خلال النصف الأخير من القرن، نتيجة حربين مات فيها ٨٠ مليون قتيل (١).

ان ما سمي بالحلم الأمريكي يحاول احكام قبضته على العالم محاولاً تحويل كافة الاحلام الجميلة والقيم النبيلة لمئات المفكرين والمثقفين على مر العصور إلى كوابيس مرعبة تزلزل الكيان الانساني على الارض وتهدد بإفناء الحضارة الانسانية. ولكن لنعلم يقيناً وعلماً قاطعاً بأن طريق الشر بفساده وباطله مسدود، وبأن الديمومة هى للحق والخير والجمال في الوجود ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، أبداً وسرمداً والا لما كان الله وكان الشيطان وحده منذ عهود بعيده (٢). ولهذا فإن روجيه جارودى بعد أن كشف بشاعة النمط الأمريكي، دعا إلى تأسيس نظام قيمي جديد للنهوض وبناء مستقبل الانسانية، حيث يقول: أن النهضة الإنسانية، بل ومجرد بقاء الإنسانية، يستلزم بناء المستقبل على أسس أخرى. إن كشف حساب هذا القرن لا يوضح إفلاس ماركس الذي خانوا اشتراكيته، بل يوضح إفلاس آدم سميث الذي اندفعت ليبراليته إلى نتائجها القصوى، فأصبحنا مهددين بانتحار كوكبي (٣).

واليوم يكون ضروريا محاكمة ثقافة وحضارة الغرب على أساس دورها الهدام للثقافات الاخرى طبقا للفكرة الملعونة (الشعب المختار) (التي تتم عبر رفض الآخر وإنكاره حتى إبادته) (٤). فالغرب يرفض ويدين المختلفين، وهو بهذا الرفض للأشكال الانسانيه الأخرى يحمل أسباب انهياره النهائي، ويضع مستقبل الانسانيه في خطر حقيقي، فقد تخطى الزمن تلك الاحاديه للثقافة الغربية وهيمنتها المهددة بالانشطار. فالقرية العالمية ملك للجميع، ضمن ما تعارف عليه العالم من القوانين


(١) أمريكا طليعة الانحطاط- روجيه جارودي
(٢) رسائل حضارية في مواجهة اليهودية/ الاب فوتيوس خليلص٦٠
(٣) أمريكيا طليعة الانحطاط - جارودى - ص٢٣
(٤) أمريكيا طليعة الإنحطاط- روجيه جارودى- ص١٤٢

<<  <  ج: ص:  >  >>