للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للطريق السابق الذي كان يسيطر عليه المسلمون. وبدأ البرتغال والإسبان والهولنديون ينشئون قواعد لهم، في جنوب شرق آسيا وفي الموانئ والسواحل المطلة على المحيط الأطلسي والمحيط الهندي، لتأمين طرق التجارة والتحكم فيها. وكانت القارة الأميركية مصدراً للموارد والهيمنة التي لم تصلها القوة الإسلامية العثمانية، ومكنت الأراضي الخصبة والمعادن التي امتلكها الأوروبيون من الاستغناء عن كثير من المنتوجات القادمة من الشرق الأوسط وآسيا، ونشطت المهارات التجارية والحرفية (١).

وكانت هزيمة الأتراك في فيينا عام ١٦٨٣ بداية تحول وانكسار، وتبعتها هزائم متوالية ومتواصلة في مالطة عام ١٦٨٤، وفي المواجهة مع روسيا عام ١٦٩٦ عندما استولى القيصر الروسي بطرس الأكبر على مدينة أزوف على البحر الأسو. ومنذ القرن الثامن عشر وبعده، أصبحت الدول الإسلامية تتهاوي الواحدة تلو الأخري تحت مطارق الاستعمار الغربي الناشيء. كما ادى انتشار التقنية في الغرب إلي ظهور الثورة الصناعية. وانقضّ الغرب الصناعي مستعمراً الدول المسلمة بهدف ضمها إلي شبكة مصالحه التجارية، وسمحت الدول المستعمرة بإجراء تحديث سطحي في الدول المستعمَرة لتكفي فقط المستعمرين الغربيين وتمكنهم من استغلال المواد الخام في هذه المستعمرات (٢)

وربما يكون التاريخ الحديث للشرق الأوسط بدأ عام ١٧٩٨ مع الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون، حيث أخضعت للمرة الأولى إحدى الدول في قلب ديار الإسلام لحكم دولة أجنبية، وبدأت مظاهر التغير الثقافي في الشرق. وبدأ الحكام في الآستانة والقاهرة يستعينون بالغرب لتحديث دولهم وجيوشهم، فقد استقدم الخبراء العسكريون الغربيون في عمليات إعادة تنظيم الجيش، واستخدمت أنظمة الإدارة الغربية، والأسلحة الغربية، وأرسلت البعثات التعليمية إلى الغرب لاقتباس العلوم الغربية (الإفرنجية)، هذا بالرغم من ان المسلمون كانوا يحتقرون الغرب ولا يأبهون بالجهود الحثيثة التي يبذلها للنهضة والتقدم، وعندما أفاقوا على


(١) أين الخطأ؟ .. التأثير الغربي واستجابة المسلمين- برنارد لويس- ترجمة: محمد عناني-تقديم ودراسة: رؤوف عباس
(٢) امبراطورية الشر الجديدة - عبد الحي زلوم- القدس العربي- ٣/ ٢/٢٠٠٣

<<  <  ج: ص:  >  >>