للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على مصراعيها للهجرة اليهودية، وقد قامت وكالات الأنباء ومحطات الإذاعة والصحافة بدعاية واسعة النطاق لمشروع إنشاء دولة يهودية في فلسطين" (١).

وبالرغم من أن هذا التعاطف الكبير مع الحركة الصهيونية، من قبل الجمعيات والمؤسسات العامة خلال عشرينات القرن الحالي وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، لم يرافقه موقف عملي واضح من الحكومة الأمريكية، إلا أن ذلك لم يكن لعدم إيمان الرؤساء الأمريكيين ـ في تلك الفترة ـ بأهداف الحركة الصهيونية، بل لأن بريطانيا في ظل انتدابها على فلسطين كانت تقوم بتقديم كافة التسهيلات والمساعدات للحركة الصهيونية. ولذلك لم يكن هناك أي داعٍ لتدخل أمريكيا ما دامت بريطانيا تقوم بنفس العمل وعلى أكمل وجه. فقد كان الرؤساء الأمريكيون في تلك الفترة يعتبرون أن فلسطين هي من جملة المسئوليات البريطانية في الشرق الأوسط، ولذلك فإن (روزفلت) "خلال مدد ولاياته الثلاث كأسلافه، لزم بدقة الموقف الأساسي الذي كان قائماً خلال الفترة التي كان هيوز فيها بالحكم، وهو أن الأحكام الخاصة بإنشاء وطن قومي يهودي الواردة في صك الانتداب، لم تكن في عداد المصالح الأمريكية، بل إنها من الشئون البريطانية" (٢).

يضاف إلى ذلك أمر آخر مهم، وهو ظروف الحرب العالمية الثانية التي فرضت على أمريكيا عدم تأييد المطالب الصهيونية بصورة علنية، والسعي إلى استرضاء العرب حرصاً على الموقف العسكري في المنطقة. "ففي ٢٩ ديسمبر ١٩٤٢م أشار (هال) على الرئيس روزفلت بالا يبعث بأية رسالة إلى هيئة الصندوق القومي اليهودي، نظراً إلى الموقف في الشرق الأوسط وأفريقيا الشمالية، حيث يسود شعور عنيف ضد الصهيونية في صفوف الشعوب العربية. فقد أكدت كافة التقارير العسكرية والدبلوماسية المرسلة من البلاد العربية، خطورة إثارة العرب بالتصريحات المؤيدة للصهيونية" (٣). ولهذا فإن روزفلت، وفي محاولة منه لكسب ود الزعماء


(١) الاستعمار وفلسطين ـ رفيق النتشة ـ ص ٢٦٠.
(٢) الصهيونية الأمريكية وسياسة أمريكيا الخارجية ـ ريتشارد ستيفن ـ ص ١٠٧
(٣) الصهيونية الأمريكية وسياسة أمريكيا الخارجية ـ ريتشارد ستيفن ـ ص ١١٤

<<  <  ج: ص:  >  >>