للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استخدمها الحلفاء في الحرب العالمية الثانية ... لا فائدة من الحرب الشاملة لأن الغازات السامة يمكن أن تنتقل عبر الهواء والماء والتراب إلى مناطق العالم المختلفة" (١).

هكذا وقف كيندى في خطابه ضد كثير من العقائد السياسية في أمريكا، حيث أكد أتباع الحرب الباردة أن التوصل إلى سلام مع الشيوعيين أمر شبه مستحيل، وانه لا مفر للعالم من حرب عالمية ثالثة. وقد وصف كيندى هذه الأفكار بأنها مدمره وخطيرة وقال: "دعونا ننظر من جديد في علاقاتنا مع العالم" (٢). ولهذا خصص معظم خطابه للحديث عن مبدأ التعايش السلمي. إلا أن الواقعية التي تميز بها خطاب الرئيس كيندى في الجامعة الأمريكية لم ترق للدوائر الأمريكية الحاكمة. وأصبح جون كيندى هدفاً من أهداف الرجعية الأمريكية. ونتيجة لذلك أصبح عدم رضا البنتاغون ووكالة المخابرات الأمريكية عن تصرفات الرئيس المعتدلة واضحاً. ولكن الرئيس كيندى كان قد قرر السير قدماً في سياسة التعايش السلمي، وأعطى أوامره للوفد الأمريكي للتوجه إلى موسكو لتوقيع اتفاقية منع التجارب النووية في الفضاء وتحت الماء.

وفعلاً تم في موسكو في ٥ آب ١٩٦٣م توقيع المعاهدة .. حيث أدى ذلك إلى تلطيف الأجواء الدولية من ناحية، وتعقيد الوضع الداخلي من الناحية الأخرى. فلم يعد الرجعيون الأمريكيون يقفون ضد الرئيس كيندى بالكلام فقط، بل بدءوا يهاجمونه علانية بعد توقيع الاتفاقية الأمريكية السوفيثية، ووصفت الصحف الأمريكية توقيع الاتفاقية مع السوفيث إنها (كارثة قومية) .. وتم وصف كل من (جون كيندى ومكنماروا) وحتى (دين راسك) بأنهم شيوعيون، يعملون بشكل سرى في أمريكا. وطالبت مجلة (امريكن ابينسيون) في شهر تشرين الثاني عام ١٩٦٣م بالتخلص من الرئيس (جون كيندى) وإتباعه. ولكن كيندى استطاع التصدي لهذه


(١) الارتقاء إلى العالمية (السياسة الخارجية الأمريكية منذ ١٩٣٨) - ستيفن امبروز- ترجمة نادية الحسيني- مراجعة ودودة بدران- ص ٢٥٢ - المكتبة الاكاديمية- ط١ ١٩٩٤
(٢) الإخوة كيندى - أزغروميكوـ ترجمة ماجد علاء الدين - شحادة عبد المجيد ص٢١٩

<<  <  ج: ص:  >  >>