للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هجوماً على المصالح الحيوية للولايات المتحدة. وسوف يتم صد مثل هذا الهجوم بأية وسيلة ضرورية بما فيها القوة العسكرية (١).

وهنا من حقنا التساؤل عن المصالح الأمريكية في المنطقة، وهل هي فعلاً النفط فقط، أم هناك شيء آخر. بالطبع سيكون من التجني التقليل من أهمية النفط الاستراتيجية لأمريكا باعتبارها دولة عظمى تسعى للسيطرة على الاقتصاد العالمي، ولكن ذلك لا يعني أن نفسر هذا الهاجس النفطي الأمريكي تجاه نفط الخليج بأنه يعني كل شيء لأمريكا. فالهاجس النفطي لأميركا لا يفسر بأغراض استهلاكية محلية (رغم اعتمادها المتزايد على النفط الخارجي) وإنما بالتحكم في مصادر الطاقة في العالم، ذلك أن أميركا تعتقد أن التحكم في هذه المصادر الضرورية لأوروبا واليابان يمكنها من ممارسة الضغوط عليهما. وعليه فإن إستراتيجيتها في الشرق الأوسط وسياستها حيال العراق وإيران لا تهدف إلى التحكم في الطاقة الموجهة لأميركا، وإنما الموجهة للعالم، خاصة أوروبا واليابان، التي تعتمد أساساً على نفط الشرق الأوسط، بعكس أميركا التي تأتي نصف وارداتها النفطية من فنزويلا، المكسيك وكندا. وإذا أضفنا هذه النسبة إلى النفط الأميركي المنتج محلياً، فإن ٧٠% من الاستهلاك الأميركي يأتي من الأمريكتين. بينما تعتمد أوروبا واليابان على الشرق الأوسط أساساً، مما يعنى أن السيطرة على هذا النفط سيضمن لأمريكا السيطرة على أوروبا واليابان، لأنه مهما كانت القوة العسكرية الجوية والبحرية الأميركية فليس بوسعها الحفاظ إلى ما لا نهاية ـ وبعيداً عن التراب الأميركي ـ على تفوق عسكري بدون دعم دول المنطقة، حيث أن القواعد السعودية والتركية هي أهم بكثير تقنياً من حاملات الطائرات الأمريكية (٢).

لهذا فقد شكل تأميم العراق لنفطه تهديداً خطيراً لخطط الهيمنة الأمريكية في المنطقة والعالم. فمن ناحية يهدد مصالحها النفطية، ويحد من قدرتها بالتحكم بمصادر الطاقة، ومن الناحية الأخرى يعني أن العراق أصبح لديه الموارد المالية


(١) الطريق إلى حرب الخليج (من موهافى إلى الكويت) ـ محمد مظفر الأدهمى ـ ص٧٠ - الاهلية للنشر والتوزيع- ط١ ١٩٩٧
(٢) بعد الإمبراطورية: محاولة حول تفكك النظام الأميركي ـ المؤلف: إمانيول طود ـ كامبردج بوك ريفيوز

<<  <  ج: ص:  >  >>