للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرب هو "رب الجنود" الذي يمهد لبنى اسرائيل السبيل لتحقيق مآربهم في الغزو والاحتلال وطرد الشعوب (١).

فلم يكتفي كهنة اليهود بالحلم بالعودة وتأسيس دولة، بل بالرغبة بحكم العالم واستعباده. فبمقدار ما كان شعورهم بالضعف والمهانة يقوى، بمقدار ما كان الأمل بالعودة يقوى، وراح أنبياءهم يضخمون صورة الأمل والإطار الذي يحتضن هذه الصورة، فإذا صورة المملكة التي يحلمون بإنشائها صورة خيالية لا نظير لها في عالم الواقع لأنها بنت خيالهم، وكان إطار تلك الصورة إمبراطورية عالمية واسعة الأرجاء بعيدة الحدود، يكونون فيها سادة والشعوب جميعها عبيداً، وتكون صهيون عاصمة العالم.

قال يهوه (الرب) مخاطباً ابنته السيدة المدللة - إسرائيل -: "بالوجوه إلى الأرض يسجدون لك، ويلحسون غبار رجليك" ... وقال مخاطبا صهيون التي اشتهاها مسكنا له: "وبنو الغريب يبنون أسوارك .. وملوكهم يخدمونك تنفتح أبوابك دائما ليؤتى إليك بغنى الأمم، وتقاد ملوكهم .. ارفعي عينيك حولك وانظري قد اجتمعوا كلهم جاءوا إليك يأتي بنوك من بعيد وتحمل بناتك على الأيدي وتتحول إليك ثروة البحر، ويأتي إليك غنى الأمم" (سفر أشعيا ٦، ٤٩). ويقول يهوه (الرب) مخاطباً شعبه المختار في مكان آخر: "وعلى الأيدي تحملون وعلى الركبتين تدللون .. ويقف الأجانب ويرعون غنمكم ويكون بنو الغريب حراثيكم وكراميكم، أما انتم فتدعون كهنة الرب تأكلون ثروة الأمم وعلى مجدهم تتآمرون" (سفر أشعيا ٦١، ٦٦).

بهذه الرؤى ـ الأحلام ـ التنبوءات وأمثالها، ظل أمل العودة إلى فلسطين، دائم الاتقاد في صدورهم كظاهرة ورع روحيه مقدسة، وقد لبثوا دهراً يتخيلون المسيح الموعود ملكاً، صاحب عرش وتاج يفتح فلسطين بالسيف ويعيد فيها بناء الدولة الدائله، لكي يقاد إليها ملوك الأمم فيسجدون لإسرائيل ويلحسوا غبار رجليها (٢).


(١) المجتمع الاسرائيلى وثقافة الصراع - د. عمر عبد العلى علام - ص ٥٢ - دار العلوم للنشر والتوزيع - ط١ ٢٠٠٧
(٢) الأصولية المسيحية في نصف الكرة الغربي - جورجي كنعان - ص١١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>