للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبرر هؤلاء الباحثين استنتاجهم السابق بالقول، انه بعد انتهاء مملكتي إسرائيل ويهودا على يد الأشوريين والبابليين، عاش اليهود في كنف الإمبراطورية الفارسية ثم تحت حكم السلوقيين ثم الرومان مجرد تابعين محكومين فحسب، لهذا لم يتمكنوا من إبداع أساطير ذات ملامح حضارية مستقره؟. ومما يؤكد ذلك أن وثائق بلاد النهريين ومصر وكنعان عن الخلق والجنة والطوفان وغيرها، يرجع تاريخها إلى الفترة من منتصف القرن الثامن والعشرين إلى حوالي القرن الحادي والعشرين قبل الميلاد، هذا في حين أن أقدم مصادر التوراة يرجع تاريخها إلى منتصف القرن العاشر أو التاسع قبل الميلاد، ومن المعروف أن أول تدوين للعهد القديم حدث بعد وفاة النبي موسى عليه السلام بحوالي خمسمائة سنه أي حوالي القرن السابع قبل الميلاد (١).

يضاف إلى ذلك أن يهود السبي البابلي كان لهم النصيب الأكبر في تكوين الديانة اليهودية، حيث مارس اليهود شعائرهم الدينية وواصل كهنتهم أعمالهم الدينية بتحرير أهم فصول التوراة، والتمهيد لتدوين التعاليم اليهودية فيما سمي بـ (التلمود البابلي)، حتى أن السبي البابلي كان عاملاً قوياً في تطوير الديانة اليهودية في القرون التي تلت ذلك، حيث دونت خلالها أهم فصول التوراة، التي دونها الكهنة اليهود باللغة الآرامية. وحتى ما ورد في التوراة من مزامير وأمثال وأشعار وشرائع وما إلى ذلك من أساطير وقصص فهي أيضاً مستقاة من المصادر الأدبية القديمة لمختلف الثقافات التي اطلع عليها كتبة التوراة ومن المعتقدات والتقاليد الاجتماعية التي عاشوها ومارسوها فعلاً في فلسطين وبابل وهى كنعانية بابلية مصرية الأصل (٢).

كما يرى البعض أن كتاب التوراة هو في مجمله، لا يخرج عن إطار التراث العربي (مع الفارق) الذي كان يحفظ مدوناً في الذاكرة لعشائر عربيه عاشت أحداثاً معينه في منطقة بدويه جد ضيقه من شبه الجريرة العربية، وان كثيراً من مدوناته إنما كانت


(١) أساطير التوراة الكبرى وتراث الشرق الأدنى القديم - د. كارم محمود عزيز ـ ص٢٤٢ـ٢٤٣ - - دار الحصاد للنشر والتوزيع /دمشق- ط١ ١٩٩٩
(٢) العرب واليهود في التاريخ - د. احمد سوسة ص٢٦٨ـ٣٦٩

<<  <  ج: ص:  >  >>