للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سوف تدمر. أما فيما يتعلق بإعادة بناء القدس بحيث تصبح مركزاً لدولة إسرائيلية يعاد تكوينها، فيتحتم علينا أن نضيف أن ذلك يتناقض مع نبوءات المسيح نفسه الذي أخبرنا مسبقا بأن القدس سوف تدوسها العامة (جنتيل) حتى نهاية زمن العامة (لوقا ٢١/ ٢٤)، أي حتى نهاية الزمن (١) ".

وإزاء هذا الموقف الرافض للأفكار الصهيونية من قبل الفاتيكان، حاول هرتزل مقابلة البابا حيث تمكن في ٢٥ تشرين ثاني ١٩٠٤م من مقابلة البابا (بيوس العاشر) ودخل معه في مناقشات طويلة حول علاقة الكنيسة باليهود، وموقف الفاتيكان منهم، فقال له البابا: "أما أن يظل اليهود محتفظين بمعتقدهم ينتظرون مجيء المسيح .. والمسيح عندنا جاء وتمت بعثته للبشر، في هذه الحالة نعتبر اليهود منكرين للاهوت يسوع المسيح، ولا مجال هنا لمساعدتهم في فلسطين ولا في غيرها، هذا هو الوجه الأول، والآخر أن يذهبوا إلى فلسطين شعباً بلا دين بالمرة وفي هذه الحالة نجد أنفسنا في مجال أضيق وغير مستعدين لمؤازرتهم، ومعلوم أن الدين اليهودي هو أساس ديننا، ولكن الدين اليهودي قد جاءت عليه تعاليم المسيح وحلت محله، ولهذه العلة فليس من الممكن أن نقدم اليوم لليهود من المساعدة أكثر مما فعلنا من قبل، والذين أنكروا المسيح من اليهود ولم يعترفوا به مازالوا على هذا الإنكار حتى اليوم" (٢).

ورغم هذا الموقف القوى الواضح من البابا، إلا أن هرتزل قال في رده على البابا: "إن النكبات والاضطهادات لم تكن في اعتقادي خير وسيلة لإقناع قومي بما يكرهون". وأمام هذا اللغط وقبح المواجهة ثارت ثائرة البابا واستفزه قبح أسلوب هرتزل والعبارة التي رد بها، فقال البابا: "أن سيدنا يسوع، آتى إلى هذا العالم ولا قوة له ولا سلاح فقد جاء فقيراً من حطام الدنيا وهو لم يضطهد أحداً. وإنما تعرض للاضطهاد وتخلى عنه الناس، وسلطانه على الأرض لم يظهر إلا بعد انقضاء رسالته ولم يقم للكنيسة كيان إلا بعد مضى ما لا يقل عن ثلاثمائة عام على تأسيسها وقد


(١) الصهيونية المسيحية - محمد السماك ص ١٥١
(٢) الصهيونية تحرف الأناجيل / سهيل التغلبى - ص ١٠٤ - مكتبة مجد - ط ١٩٩٩، الصهيونية في الستينات، الفاتيكان واليهود للأستاذ محمود نعناعه- الدار القومية للطباعة والنشر - القاهرة ١٩٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>