للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تدعوهم إلى العودة إلى الأصول، وعدم الاعتراف بأي سلطه غير سلطة الكتاب المقدس، باعتباره مصدر العقيدة النقي (١).

فالحكومة المدنية ـ أي المتحضرة ـ كما يرى البروفسور (مايكل كوربت)، هي التي تؤيد الدين، بينما الحكومات الشمولية والديكتاتورية، هي التي تقف ضد الدين، حيث أن الإصلاح الكنسي البروتستانتي ربط بين الكنيسة والدولة، وجعل كلاً من الحاكم والمحكوم تحته تابعين لكنيسته، ولكنه في نفس الوقت لم يجمع السلطتين الزمنية والدينية معاً، لكن حركات إصلاحية راديكالية مسيحية رفضت ربط الكنيسة بالدولة، ورأت أن هذا الارتباط يدمر الكنيسة تماماً (٢).

وهذا الاختلاف في النظر للعلاقة بين الدين والدولة في أمريكا هو الذي جعل البعض ينظر إلى العلاقة بين الدين والسياسة في أمريكا باعتبارها معضلة لم تتحدد بعد، متناسين انه يوجد في أمريكا ما يسمى الدين المدني، وهو دين مواز للكنائس الرسمية، يتغلغل في الحياة الأمريكية. وهو مجموعة من المعتقدات والطقوس والشعائر والرموز، التي تنتشر في الحياة الأمريكية منذ القدم، مثل اعتبار عيد الشكر عيدا قوميا للصلاة ـ كما أعلن (جورج بوش الأب) عام ١٩٩١م إبان حرب الخليج ـ وابتهال كلينتون في خطبه إلي الرب ليبارك أمريكا، واستهلال الجلسات الحكومية بالصلاة، ودعم الحكومة لقساوسة الجيش، كما ويظهر الدين المدني في الأغاني مثل (أمريكا الجميلة) و (فليبارك الرب أمريكا) وغيرها. كما أنه بينما يذهب بعض الساسة ورجال الدين إلي الفصل بين السياسة والكنيسة يذهب آخرون إلي عمق العلاقة بينهما، فالرئيس (جيفرسون) وهو من المؤمنين بالدين المدني، يري ضرورة الفصل، بينما (جيري فالويل) يقول: "أذا لم يتعلم المرء كلام الرب، ولم يعرف ما جاء بالأنجيل، فأنني أشك في قدرته علي أن يصبح قائداً فاعلاً، وقيادته لكل شيء، سواء أسرته أم كنيسته أو أمته لن تكون ناجحة دون هذه الأولوية" (٣). وينحى نفس المنحى كثير من الساسة والمفكرين، ولكنه في كل الأحوال، لا يمكن لأحد أن ينكر الدور الذي يلعبه الدين في الثقافة الأمريكية.


(١) المؤثرات الدينية في توجيه السياسة الغربية المعاصرة - محمود سلطان - ص ١٥
(٢) الدين والسياسة في الولايات المتحدة الأمريكية ج١ـ تأليف مايكل كوربت وجوليا كوربت ـ ص٢٣،٢٦
(٣) الدين والسياسة في الولايات المتحدة الأمريكية ـ تأليف مايكل كوربت، وجوليا كوربت ـ ص١٩

<<  <  ج: ص:  >  >>