للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظراً للمكانة التي يحتلها اليمين المسيحي الجديد في الحياة السياسية بالولايات المتحدة، فإنه من المفيد المقارنة بينه وبين منهاج التطهريين، الذين اتسمت آراؤهم بالأهمية في الفترة الاستعمارية والأيام الأولى لتأسيس الدولة، وهناك تشابهات عدة. فهناك تشابه في الأهداف، فكلاهما يرنو إلى الولايات المتحدة كدولة تمتثل لقوانين ومشيئة الرب كما يفهمونها. ويجب أن تتوافق الأخلاقيات الخاصة والعامة مع تعاليم الكتاب المقدس، الذي يفسر بشكل محافظ. كما يرغب كلاهما في استخدام العملية التشريعية لضمان توافق القانون المدني مع القانون الديني وتطبيقه على المؤمنين وغير المؤمنين. وأخيراً فإن كلاهما يرى أن المدارس العامة تأتي بعد البيت والكنيسة، كعنصر أساسي في تدريب الأبناء وفق معتقداتهم. وتضرب هذه الأهداف بجذورها في فهمهم للاهوت بشكل متشابه إلى حد بعيد، فهناك حقيقة واحدة مطلقة أوحى بها الرب للبشر ـ الرب والمتصف بالقوة والملك فالبشر مخطئون وضائعون بدون الرب، والولايات المتحدة أمة الرب المختارة، لتكون مثالا للحياة الورعة في الدنيا (١).

ويرصد (صموئيل هنتنغتون) مظاهر الصحوة الدينية في الولايات المتحدة خاصة خلال عقد التسعينيات، وهي صحوة سادت مختلف الطوائف الدينية الأميركية، وعلى رأسها الجماعات الإنجليكية التي زادت بنسبة ١٨% خلال التسعينيات، ونجحت في بناء عدد كبير ومؤثر من المؤسسات السياسية. ويؤكد (هنتنغتون) حقيقة أن المجتمع الأميركي هو أكثر المجتمعات الأوروبية تديناً، ما يجعله أرضا خصبة لعودة الدين، خاصة بعد أن ضاق الأميركيون بشكل متزايد منذ الثمانينيات بالمشاكل الأخلاقية، التي انتشرت في مجتمعهم. ويقول: إن هناك عودة عامة للدين في أميركا انعكست على الروايات الأميركية، وظهرت في الشركات والمؤسسات الاقتصادية، كما أثرت على الحياة السياسية من خلال الحضور الكبير، للقضايا الدينية والمتدينين في إدارة الرئيس الأميركي الحالي (جورج دبليو بوش). ويبشر بأن العودة للمسيحية ـ التي تعد أحد الركائز الأساسية للهوية الأميركية - تمثل عاملاً هاماً في دعم الهوية الأميركية ونشرها خلال الفترة الراهنة. كما أن الصحوة الدينية - وفقاً لتحليل


(١) الدين والسياسة في الولايات المتحدة -ج١ـ مايكل كوربت ـ جوليا ميشتل كوربت ص١٥٩

<<  <  ج: ص:  >  >>