للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برجنسكي: الأسف على ماذا؟ إن العملية السرية التي قمنا بها كانت فكرة رائعة، لقد أدت إلى دخول السوفيت في فخ تمنينا أن يدخلوا في مثله .. وقد دخلوا .. فهل تريدون أن أقول لكم أنني آسف على مخطط وضعناه ونفذناه ونجح بامتياز؟ (١).

سؤال: هل تعرف أن ذلك معناه أنكم أعطيتم السلاح للإرهابيين، الذين أصبحوا أعداء لكم؟ ... إنكم خلقتم بذلك صورة الإسلام الإرهابي.

برجنسكي: أيهما أفضل للغرب انهيار الاتحاد السوفيتي، أو ممارسة الإرهاب بواسطة بعض الجماعات الإسلامية؟ أيهما أخطر على الغرب طالبان أو الاتحاد السوفيتي؟ (٢).

وجواب بريجنسكي واضح، حيث كانت هزيمة السوفييت بالنسبة للأمريكيين أهم، مما قد تشكله الجماعات الإسلامية من خطر. فهي من ناحية، إثباتاً وتبريراً لعقيدة ريغان المتمثلة بتشجيع المقاومة المسلحة للأنظمة الشيوعية، وإذلالاً مؤكداً للسوفييت مقارنة مع ما عاناه الأمريكيون في فيتنام، ومن ناحية أخرى كان لهزيمة السوفييت في أفغانستان عواقبها، التي انتشرت في المجتمع السوفييتي ومؤسساته السياسية، وساهمت بشكل عظيم في تفكك وانهيار الإمبراطورية السوفييتية. فقد هزم السوفييت في نهاية المطاف بسبب ثلاثة عوامل، حيث لم يستطيعوا أن يجاروا بشكل فعال ـ أو علي الأقل يتعادلوا مع تقنية الحرب الأمريكية، ولا أن يواجهوها. أما السبب الثاني فكان الأموال السعودية، بينما تمثل السبب الثالث في الأعداد الضخمة من المسلمين وحماسهم للقتال (٣).

يقول بريجنسكي: "يوم تدخل الروس بجيشهم في أفغانستان كتبت للرئيس كارتر مذكرة قلت له فيها: إن أمامنا الفرصة الآن لكي نجعل الاتحاد السوفيتي يذوقون مرارة الكأس التي شربناه في فيتنام. والحقيقة أننا ولمدة عشر سنوات، جعلنا الروس ينزفون دماً ولا ينزفون جهداً فقط، فهم حين دخلوا أضروا باقتصادهم


(١) يبدو أن الإدارات الأمريكية المختلفة مغرمة بمثل هذه العمليات السرية ومنذ زمن طويل، وسيتضح لنا كيف أن أحداث ١١ سبتمبر ما هي إلا عملية سرية نفذتها الإدارة الأمريكية لخلق مبرر لحملتها الصليبية على العالم الإسلامي.
(٢) من نيويورك إلى كابول ـ محمد حسنين هيكل ص ٢٤٣
(٣) إمبراطورية الشر الجديدة ـ عبد الحي زلوم ـ القدس العربي ـ ٣/ ٢/٢٠٠٣ م

<<  <  ج: ص:  >  >>