للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والموارد الطبيعية، والنشاط الاقتصادي. فأوراسيه هي رقعة الشطرنج العظمى، التي سيتم عليها الإقرار بتفوق أمريكا وتحديه في السنوات القادمة.

يقول بريجنسكي: إن الجائزة الكبرى التي حازت عليها الولايات المتحدة بعد الحرب الباردة هي أوراسيا، وبصفتها القوة العظمي الوحيدة الآن، فإن بإمكان الولايات المتحدة أن تسيطر علي مقدراتها، فلن يسمح لأية قوة عظمي أو تحالف قويً مثل روسيا، الصين أو الهند بالسيطرة عليها. وقد نقل الكاتب الأمريكي (مايكل روبرت) مؤلف كتاب (عبور الحد) ان بريجنسكي قال قبل هجوم ١١ سبتمبر بأربع سنوات، إنه إذا لم تهاجم أميركا كما هوجمت في بل هاربر فإن الشعب الأميركي لن يؤيد العمل العسكري في وسط آسيا والشرق الأوسط للسيطرة على المنطقة (١). ويبدو أن هذا هو الهدف المنشود الذي كان وراء أحداث ١١ أيلول (سبتمبر)، وقد تحقق فعلاً (٢). فبريجنسكى يرى أن المهمة التي تواجه الولايات المتحدة، ما هي إلا مهمة إدارة النزاعات والعلاقات في أوروبا واسيا والشرق الأوسط، بحيث لا تبرز أية قوة عظمى منافسه تهدد المصالح والرفاه الأمريكي. فقد ظهرت الولايات المتحدة الأمريكية في أواخر القرن العشرين الميلادي على أنها القوة العظمى الوحيدة في العالم من حيث أنها امتلكت ما لم تمتلكه أية أمه أخرى من قوة عسكرية واقتصادية. ولفت مصالحها العالم دون أن يكون لها نظير في التاريخ. ومع ذلك يبقى السؤال الحاسم دون جواب: ماذا ينبغي أن تكون إستراتيجية أمريكا العالمية للحفاظ على موقعها الاستثنائي في العالم؟ فهذا السؤال الذي يعالجه السيد بريجنسكى في هذا الكتاب.

فبعد أن تنبأ (بريجنسكى) بسقوط الشيوعية في كتابه الإخفاق الكبير الصادر عام ١٩٨٨م، ها هو يتنبأ ويعد بعالم متعدد الأقطاب، مع تجنب التنبؤ بمن ستكون تلك القوى التي لا محال ستكون الولايات المتحدة إحداها. فهو يقصى أهم مرشحي اعتلاء مكانة القوة العالمية، وهما روسيا والصين والاتحاد الأوربي، في حال كانت وجهة كل واحد منها وجهة لا تروق لأمريكا. وهذا التصور المتناقض الذي يطرحه


(١) أجراس الخطر .. الحقيقة وراء ١١ سبتمبر ج٣ - قناة الجزيرة برنامج سرى للغاية- مقدم الحلقة: يسري فودة- تاريخ الحلقة: ٢٢/ ٩/٢٠٠٥
(٢) إمبراطورية الشر الجديدة - عبد الحي زلوم -القدس العربي- ٢٨/ ٢/٢٠٠٣م

<<  <  ج: ص:  >  >>