للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادس عشر الميلادي، ولم يتركوا وسيلة لتحقيق ذلك، من خلال عقد اللقاءات وطرح المشاريع على رجال الدولة، والقيام برحلات استكشافية لدراسة فلسطين وتهيئتها لعودة اليهود إليها، هذا في حين كان اليهود آخر من يفكر في هذا الأمر.

"ويعود السبب في إحجام اليهود عن المشاركة والتجاوب مع هذه الدعوات إلى فقره تلموذية شهيره في الجزء المسمى "كيتوبوت" ص١١١ والتى تتردد في اجزاء اخرى من التلمود، حيث يقول الله انه فرض على اليهود ثلاثة مواثيق: اثنان منهما يتعارضان بوضوح مع المعتقدات الصهيونية وهما:

١ - يجب على اليهود الا يتمردوا على غير اليهود.

٢ - يجب الا يقوم اليهود بالهجرة إلى فلسطين قبل مجئ المسيح.

٣ - والميثاق الثالث يفرض على اليهود عدم الصلاة بقوة طلباً لقدوم المسيح، حتى لا يأتي قبل موعده المحدد.

وقد قامت الغلبية العظمى من اهم حاحامات اليهودية التقليدية بتفسير المواثيق الثلاثة وواصلت اعتبار وجود اليهود في المنفى التزاماً دينياً للتكفير عن الآثام اليهودية التى جعلت الله يقوم بنفيهم" (١).

فاليهود المتدينون يبنون آمال المستقبل من العبرة بالماضي. "فهم يفسرون التوراة، بان الإسرائيليين القدماء أضاعوا الأرض المقدسة بسبب ارتكابهم المعاصي ضد الآخرين، وبسبب تخليهم عن إلههم الواحد من أجل آلهة أخرى. واليهودية في جوهرها دين ميثاق وعهد وان اختلف هذا العهد من جيل إلى جيل، فهو دائماً يبقى عقداً بين الشعب والله. فالله وعدهم بالأرض، وبأن يعيشوا فيها عيشة ازدهار، لكن في مقابل ذلك، على اليهود من جانبهم أن يقوموا بتنفيذ الشروط الخلقية والمبدئية للعهد، كما يشرحها أنبياء الله في كل عصر. فالله وحده إذاً هو الذي يحكم على سلوك أبناءه اليهود، وهو وحده الذي يرى ـ في مرحلة ما ـ أنهم قد وصلوا إلى حد


(١) الاصولية اليهودية في اسرائيل- تأليف اسرائيل شاحاك - نورتون متسفينسكي - ترجمة ناصر عفيفي - ص٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>