للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي هذا الخطاب يعلن بوش حرباً في كل الاتجاهات، ومعركة معسكر الخير ضد معسكر الشر مشيراً بصريح العبارة إلى ثلاثة دول أعضاء في الأمم المتحدة، هي كوريا الشمالية، العراق وإيران، وهي متهمة بالسعي للتزود بأسلحة نووية، وبالتالي بقدرات ردعية كافية لا يمكن أن تتحملها الإمبراطورية الأمريكية إن قررت ضربها عسكرياً في المستقبل، حيث شكل خطاب بوش هذا (إعلان وفاة الأمم المتحدة)، هذا بالرغم من أن وفاة الأمم المتحدة قضية مفروغ منها في قول وممارسات إدارة بوش، التي تؤسس ل ـ "قدوم إمبراطورية كونية لا يمكنها أن تقبل أية قاعدة أعلى منها" (١).

وفيما كانت المرحلة الأولى من حرب الرئيس بوش المزعومة على الإرهاب ـ أي استهداف أفغانستان ـ ماضية بسرعة ـ وكانت غالبية الموجودات العسكرية الأمريكية في أماكنها وخلال أيام قليلة أخذت القنابل في التساقط لتدمر ما بقى من البنية التحتية الاجتماعية لأفغانستان التي مزقتها الحرب، لتسدل الستار على جهود الإغاثة، التي كان ملايين الناس يعتمدون عليها في بقائهم، ولتقتل ـ في أحد التقديرات ـ نحو ١٠ آلاف مدني، بينما كان كل ذلك يجرى لم يكن هذا كله كافياً لاستراتيجي واشنطن، بل كان يجرى التخطيط بالفعل للمرحلة الثانية من حرب بوش، كما كان يجرى الدعاية لها. فقد كانت بلدان عديدة تذكر باعتبارها تستحق نوع المعاملة التي كانت ستخص سريعاً أفغانستان، ولم يكن بوش قد ألقى بعد خطابه المثير للسخرية عن محور الشر (العراق وإيران وكوريا الشمالية)، ولكن (دولاً مارقة) عديدة، (الدول المثيرة للقلق) كانت تصطف لجذب الانتباه. إيران، العراق، كوريا الشمالية، سوريا، أفغانستان، السودان، الصومال، اليمن، كوبا، العالم كله كان بالتأكيد منطقة غنية بالأهداف. أفغانستان، هكذا اعلن خبراء الدعاية، سيتم التعامل معها. فأين يكون التوجه التالي لقوات الذين يملكون صولجان الصواب؟ لقد ظل العراق الخيار الأكثر ترجيحاً.


(١) إمبراطورية الفوضى: الجمهوريات في مواجهة السيطرة الأمريكية فيما بعد الحرب الباردة ـ ألان جوكس كامبردج بوك ريفيوزـ الجزيرة نت

<<  <  ج: ص:  >  >>