للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي قيل أنها مصدر للخطر (الكيماوي) على العالم أجمع اكتشفوا بعد الحرب أنها خاوية إلا من بعض الحطام والبراميل الفارغة. ولم تكن محاضرة (كولن باول) ذات الوسائط المتعددة أمام مجلس الأمن وأمام الملايين في العالم اجمع، متفردة في نوعها، فما أن بدأ عام ٢٠٠٣ م واقتربت ساعة الحقيقة حسب توقيت (بوش)، حتى كانت الآلة الإعلامية قد دارت بلا هوادة مستمدة وقودها من تصريحات رسمية صارخة لبوش وإدارته وحلفائه.

وفي ٢٤ سبتمبر ٢٠٠٢ م لم يتردد (توني بلير) أن يعلن أمام النواب في مجلس العموم البريطاني, أن العراق يملك أسلحة كيماوية وبيولوجية، وأن في إمكانه نشر صواريخه خلال ٤٥ دقيقة. وفي ٥ فبراير ٢٠٠٣ م كانت لهجة (ماريا ازنار) رئيس الوزراء الأسباني قاطعة, حين أكد أمام برلمانه: "نعلم جميعاً أن (صدام حسين) يملك أسلحة دمار شامل، كما نعلم جميعاً أن لديه أسلحة كيماوية". ولم يكن غريباً وسط طبول الحرب التي كانت دقاتها تعالت فعلاً أن تخرج أوروبا الجديدة مخدوعة بالضجيج الدعائي، أو متملقة باعتبارات السياسة، ببيان الثمانية الشهير في ٣٠ يناير ٢٠٠٣م، الذي يختصر الحملة في الشعار الذي ردده الجميع: (أسلحة الدمار الشامل العراقية تشكل تهديداً للأمن العام).

[تاريخ الدولة الأمريكية العريق مع الأكاذيب والتضليل الإعلامي]

(انياسيور رامونا) محرر الـ (لوموند ديبلوماتيك) استعرض في دراسة موثقة ومطولة, تاريخ الدولة الأمريكية العريق مع الأكاذيب والتضليل الإعلامي، مصدراً دراسته مقولة (جورج واشنطن) "إني افضل الموت على أن أنطق بكلام غير دقيق". ولكن يبدو أن زعماء الدولة الأمريكية لم يأخذوا بهذه النصيحة، وفضلوا عليها نصيحة (لينين) مؤسس الاتحاد السوفيتي المعروفة: "اكذب واكذب حتى يصدقك الناس"، غافلين عن المثل العربي الذي يقول: "إن حبل الكذب قصير، وأن للحقائق قوة ذاتية تمنحها القدرة على اجتياز حاجز الأكاذيب والإعلان عن نفسها في نهاية الأمر" (١).


(١) مذكرات حول واقعة الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) ـ د. عماد الدين خليل ـ ص١٩١

<<  <  ج: ص:  >  >>