للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كيرتز) كيف كانت التلفازات الغربية تنقل أخبار انتصارات التحالف في الأيام الأولى, والانهيارات العراقية المتتالية رغم أنها لم تكن حقيقية, وكل ذلك بهدف تحطيم معنويات الخصم. وللإشارة إلى الأهمية الفائقة لدور الإعلام والدعاية, فإن نظرة واحدة إلى ميزانيات الدبلوماسية العامة لا تدع مجالا للشك, في أن مسألة الإعلام تقع في قلب الجهد الإستراتيجي الأميركي. فالميزانيات المرصودة من قبل البيت الأبيض لنشر وجهة النظر الأميركية, وتحسين صورة الولايات المتحدة في العالم, وخاصة الإسلامي منه, تزيد عن مليار دولار سنوياً. أما الميزانية المناظرة في بريطانيا فتبلغ نصف مليار دولار (١).

الإعلام بين الوطنية والموضوعية المهنية: تعتبر مسألة الموضوعية ونقل الأخبار كما هي من دون رتوش, وتحري الحقيقة ما أمكن، من أهم القضايا الإعلامية. صحيح أن الحقيقة هي أولى ضحايا الحروب كما يقال دوما, لكن هذه المقولة المعروفة يجب أن تدفع بالإعلام إلى محاولة كسر القيود, التي تفرض عليه للحيلولة دون الحقيقة, وليس للاستسلام لما تتضمنه. والمعلومات المتوفرة تدلل بالمعلومة والرقم والتسجيل, كيف أن محطات كبرى مثل (سي إن إن) , و (بي بي سي) و (فوكس نيوز) , و (سي بي إس) لم تبذل جهداً كافياً لاختراق الحصار الرسمي, ولتمحيص المقولات الرسمية المسوغة للحرب. وليس أدل على ذلك تسويق ما أسماه (ديفيد ميلر) (الكذبة الكبرى) , وهي ـ برأيه ـ تلك التي كانت تقول: إن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل, وبإمكانه أن يضعها قيد التنفيد خلال ٤٥ دقيقة. وهذا الزعم الذي ردده (توني بلير) و (جورج بوش) لم يخضع للمساءلة الحقيقية من قبل الإعلام, بل تم ترديده وكأنه مسلمة. ويذكر أن أسلحة الدمار الشامل العراقية المدعاة, وخطرها المزعوم على المدن الغربية, كان أهم عنصر من عناصر الدعاية للحرب والمؤثرة في الرأي العام البريطاني والأميركي.

وهناك قضية أخرى مهمة على قدر كبير من الخلافية, هي مدى وطنية أو مهنية وسائل الإعلام خلال الحرب. فالجدل الذي احتدم قبيل الحرب في أوساط


(١) اكذب عليّ: البروباغاندا والتشويه الإعلامي في الحرب على العراق تحرير: ديفد ميلر-الناشر: فيرسو, لندن-ط١ ٢٠٠٤ - عرض/ كامبردج بوك ريفيوز ٤/ ٣/٢٠٠٤م الجزيرة نت

<<  <  ج: ص:  >  >>