للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"خضوع أميركا اللاتينية لمصالح الولايات المتحدة ثم لقراراتها" (١). فالمبدأ الأساسي لهذه السياسة التي تبيد الهنود، وتستعبد السود، وتطرد الدول الأوروبية، حدده الرئيس (مونرو) في رسالة إلى الكونجرس جاء فيها: "فللأوروبيين القارة القديمة وللأمريكيين القارة الجديدة". وهذا يوضح أن فكرة الأرض الموعودة ليست سوى ارض محتله بالقوة، من قبل شعب مسكون بحقيقة مفادها أنه يجسد أمراً إلهياً قاده إلى الاستيطان، وإبادة الشعب الأمريكي الأصلي، واستعباد الشعب الأسود، ثم دفعه لبدء السيطرة والهيمنة على العالم (٢).

وهكذا وخلال العهد الجديد لأمريكا، الذي بدأ منذ نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، أي بعد الانتهاء من فرض السيطرة على أرض الميعاد كما أسلفنا، "وجد الأمريكيون أنفسهم أمام سؤال مهم كما يقول (والتر مكدوجال) وهو كيفية التصرف خارج حدودنا .. هل يتطلب منا تراثنا المبارك كأرض للحرية أن نشن حملة صليبيه في الخارج من اجل الآخرين وفقا لما يطلبه عهدنا الجديد للسياسة الخارجية؟ أم أن الخضوع لإغراء أن نفرض إرادتنا في الخارج ينتهك مبادئ العهد القديم، التي جعلت من أمريكا أمة عظيمة؟ باختصار، هل بإمكان الولايات المتحدة أن تكون دولة صليبية وتظل ارض الميعاد؟ " (٣).

ويبدو أن إجابة الأمريكيين على ذلك كانت، لخيار شن حمله صليبية في الخارج، من اجل السيطرة على ثروات ومقدرات الشعوب الأخرى، وفرض نمط التفكير الأمريكي عليها. ففي ١٠ مايو ١٨٦٧م، تحركت عاطفة وزير خارجية الولايات المتحدة (وليام سيوارد) ليكتب قصيدة شعرية، تنبأ فيها بمستقل آمته، قائلاً: "امتنا ذات المصالح المتحدة المباركة، غير راضية الآن عن السكون، سوف تحكم الباقين، وإمبراطوريتنا في الخارج لن تعرف حدوداً، وإنما هي مثل البحر سوف تتدفق في


(١) أميركا التوتاليتارية، الولايات المتحدة والعالم: إلى أين؟ تأليف ميشال بوغنون موردان، ترجمة: خليل أحمد خليل
(٢) أميركا التوتاليتارية، الولايات المتحدة والعالم: إلى أين؟ تأليف ميشال بوغنون موردان، ترجمة: خليل أحمد خليل ـ الجزيرة نت.
(٣) ارض الميعاد والدولة الصليبيةـ أمريكيا في مواجهة العالم منذ ١٧٧٦م ـ والتر ا. مكدوجال - ترجمة: رضا هلال ص٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>