للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على حد قول بن جوريون. وكان وينغيت مقتنعاً تمام الاقتناع بأنه مرسل في مهمة دينية مقدسة ومحددة لإنقاذ إسرائيل، وفي ذلك يقول عنه موشى ديان: "كان وينغيت يؤمن إيماناً لا يتزعزع بالتوراة. فقبل أن ينطلق في مهمته كان يقرأ في التوراة، المقطع الذي يتحدث عن المنطقة التي سيسلكها، فيجد فيه ضماناً لانتصارنا، انتصار إله يهوذا" (١).

ويوضح دافيد كوهين ـ وهو أحد الزعماء الصهاينة ـ مدى معرفة وينغيت بفلسطين، ومدى إيمانه بكل ما ورد بشأنها في التوراة، فيقول: "كنت معتاداً على التجول في البلد (فلسطين) برفقة زوار من أبناء الشعب الإنجليزي، كانوا على معرفة بأسماء من تاريخنا، ويعرفون خريطة البلد جيداً ويحفظون مقاطع من التوراة عن ظهر قلب. لكن أياً منهم لم يكن شبيهاً بوينغت في عمق معرفته، واطلاعه المذهل، وقدرته على تفسير ما ورد في التوراة. كان يروى شفاها مقطعاً في أثر مقطع. ها هي حاروشت هغوييم، ديبواره وبراك، جبال غلبواع، تل هاموريه، شوننم وعين دور ـ كل هذا كما لو كان يقرأ في خريطة أمام عينيه ـ هنا تماماً، تقريباً هنا، ... ربما خلف هذه الصخور ... هنا أرسلوا الإشارات الضوئية ... لهذا السبب أو ذاك أصيبوا ... بالتأكيد فروا من هذا الوادي ... ولماذا لم يساعدهم إخوانهم من السبط الفلاني، أما كانوا قاطنين هنا، وراء الجبل؟ وكان يتحدث بألم، بانفعال وغضب، كما لو أن الأمر حدث البارحة، كما لو أن الانقسام الكبير بين آل داود وأسباط إسرائيل أمر يخصه شخصياً" (٢).

و وينغيت هذا لم يكن إلا نموذجاً من النماذج الكثيرة لضباط وجنود ومسئولين إنجليز، عملوا في فلسطين، وكانت النظرة الدينية البحتة هي التي تحكم تصرفاتهم وقراراتهم تجاه فلسطين. وقد علمت من خلال قصص الاجداد ان هذا الضابط عمل في قريتنا (يبنا) قضاء الرملة ومارس كافة انواع الارهاب ضد سكانها وقد ذكر ابن قريتنا، الاديب والقاص محمد جاد الحق في روايته (قبل الرحيل) بعض من جرائمه


(١) يوميات قادة العدو -٣ - الفاشية - موشي دايان- ترجمة جوزيف صفير - ص ٣٨ - دار المسيرة، بيروت.
(٢) الثورة العربية الكبرى في فلسطين ـ ١٩٣٦ـ١٩٣٩م (الرواية الإسرائيلية الرسمية) مؤسسة الدراسات الفلسطينية ـ ص ٣٣٢

<<  <  ج: ص:  >  >>