للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الولايات المتحدة، التي تعلن أننا (نحن الشعب) قد وضعنا هذه الوثيقة، تضليل عظيم. فالدستور كان قد كتبه سنة ١٧٨٧ خمسة وخمسون رجلاً من البيض- ملاك العبيد، وملاك السندات والتجار- الذين أسسوا حكومة مركزيه قوية ستخدم في ما بعد مصالحهم الطبقيه. إن استخدام الحكومة على ذلك النحو للأغراض الطبقية ولخدمة احتياجات الأثرياء والأقوياء قد استمر عبر التاريخ الأمريكي وصولاً إلى يومنا الحاضر، ويتجسد ذلك في اللغة التي توحي بأننا جميعا أغنياء وفقراء وأبناء طبقة متوسطة لنا مصلحة مشتركه" (١).

هكذا توصف حالة الأمة بتعبيرات شمولية عامه. وعندما يعلن الرئيس مسرورا (إن اقتصادنا سليم)، لا يعترف بأنه غير سليم بالنسبة إلى أربعين أو خمسين مليوناً من الناس يكافحون من اجل البقاء، رغم انه قد يكون سليماً باعتدال لكثيرين في الطبقة المتوسطة، وسليم بإفراط لأغنى ١% من الأمة وهم الذين يملكون ٤٠% من ثروتها القومية. كان يجري دوماً تغييب مصلحة الطبقات خلف حجاب سميك يدعى المصلحة القومية، "وقد جعلتني تجربتي الخاصة مع الحرب وتاريخ تلك التدخلات العسكرية التي تورطت فيها الولايات المتحدة ارتاب عندما اسمع الناس في الأوساط السياسية العليا يتوسلون (المصلحة القومية) أو الأمن القومي لتبرير سياساتهم. انه بمثل هذه المبررات بدأ هاري ترومان (عملا بوليسيا في كوريا) أسفر عن قتل ملايين عديدة من الناس، ونفذ ليندون جونسون وريتشارد نيكسون حرباً في جنوب شرق آسيا مات خلالها نحو ثلاثة ملايين شخص، وغزا رونالد ريجان جرينادا، وهاجم بوش الكبير بنما ومن بعدها العراق، وقصف بيل كلينتون العراق المرة تلو المرة. والادعاء الذي اتخذه بوش الجديد في ربيع سنة ٢٠٠٣ وزعم فيه إن غزو العراق وقصفه بالقنابل في مصلحة أمريكا القومية، كان منافياً للعقل على نحو خاص، ولم يكن الشعب في الولايات المتحدة ليتقبله لولا غطاء من الأكاذيب نشرته فوق البلاد الحكومة وأبواق الإعلام الرئيسية- أكاذيب عن علاقات العراق بحركة القاعدة".

ويتابع (هوارد زن) كلامه: "وعندما قررت إن أؤلف كتاب (تاريخ شعبي للولايات المتحدة)، صممت على إن اروي قصة حروب الأمة لا من خلال عيون الجنرالات


(١) الأصوات المغيبة والمصلحة القومية الكاذبة- بقلم هوارد زن - جريدة الخليج عدد ٩٣٢٦ تاريخ ٣٠ - ١١ - ٢٠٠٤

<<  <  ج: ص:  >  >>