للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقدوا عهداً مع الرب: انه إذا أمن الرب ذهابهم إلى العالم الجديد، فإنهم سيؤسسون مجتمعاً تحكمه القوانين الإلهية" (١).

وهكذا كان هؤلاء المستوطنون الجدد يحملون معهم تراثهم الديني المستمد من العهد القديم، والذي أخذ يلعب دوراً رئيساً في تشكيل الفكر الأمريكي منذ ذلك الوقت. ومما قوى من أهمية هذا الدور، هو ربط هؤلاء المستوطنين بين تجاربهم التي مروا بها منذ رحيلهم من أوروبا وإنجلترا بالذات، وبين التجارب التي مر بها اليهود القدماء عندما فروا من ظلم فرعون إلى أرض فلسطين (٢). حيث اعتبروا أمريكا هي (أورشليم الجديدة) أو (كنعان الجديدة) وشبهوا أنفسهم بالعبرانيين القدماء حين فروا من ظلم فرعون (الملك الإنجليزي جيمس الأول) وهربوا من ارض مصر (إنجلترا) بحثا عن ارض الميعاد (الجديدة) (٣). فقد رأى البيوريتانيين في تجربتهم الخاصة المتمثلة "بالهروب إلى البراري، من أوروبا المنحوسة مساوية لتجربة اليهود الذين قادهم موسى من مصر، غير أنها كانت أكثر بكثير من تجربة مساوية. لقد آمنوا بأن تجربتهم لم تكن في الحقيقة إلا تجسيداً حياً لتجربة الخروج. وقد فسروا تجربتهم على أنها تكرار للتاريخ الذي شكل شعب الرب القديم" (٤).

فهم مثلهم مثل اليهود فروا من الظلم بحثاً عن الأرض الموعودة التي تدر لبناً وعسلاً، وجابهوا الصعاب في رحلتهم عبر المحيط، كما حدث لليهود في صحراء سيناء عند خروجهم من مصر. كما أنهم جوبهوا بمقاومة السكان الأصليين كما جوبه اليهود بمقاومة أهل فلسطين، وعندما كانوا يعلنون الحرب على أصحاب البلاد الأصليين، كانوا يستحضرون العهد القديم، حيث ثمة تشابه بين تجاربهم في حربهم مع الهنود الحمر، وتجربة اليهود في حربهم ضد الفلسطينيين في الماضي.


(١) الدين والسياسة في الولايات المتحدة الأمريكية ـ تأليف مايكل كوربت وجوليا كوربت، ـ ترجمته د. عصام فايز، ود. ناهد وصفي ص٤٤
(٢) من أوراق واشنطن ـ د. يوسف الحسن ـ ص ١١٩.
(٣) ارض الميعاد والدولة الصليبية ـ أمريكيا في مواجهة العالم منذ ١٧٧٦ـ والتر ا. مكدوجال - ترجمة: رضا هلال ص ٥ - دار الشروق - ط٢ ٢٠٠١.
(٤) الصهيونية المسيحية (١٨٩١ـ١٩٤٨م) - بول مركلي ـ ترجمة: فاضل جتكرـ ص١،٥ - ط ٢٠٠٣ سوريا - قدمس للنشر والتوزيع

<<  <  ج: ص:  >  >>