للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغرب الشقية، بشعة ومرعبة، وحش مغرم بالغزو. هل حقاً أمريكا التي تخصني تتصرف بهذه الطريقة الفظة؟.

[نعم، الحلم الأمريكي لا يزال له معنى ... ولكن!]

تحت هذا العنوان تبدأ المؤلفة بالاستشهاد بجملة لمهاجر ايطالي في نهاية القرن التاسع عشر مخطوطة على باب متحف نيويورك تقول: "قالوا ان شوارع أمريكا مبلطة بالذهب، لكني حينما وصلت اكتشفت ثلاثة أشياء: الأول، انها غير مبلطة بالذهب. الثاني، انها ليست مبلطة على الاطلاق. الثالث، انهم ينتظروني لأقوم بتبليطها". ومن هنا تطرح السؤال: كم عدد الناس الذين رغبوا بالذهاب إلى أمريكا؟. عشرات ملايين النساء والرجال والاطفال، راودهم هذ الامل. هناك ارض بوسعنا ان نبدأ فوقها حياة جديدة، هناك بلد حيث بوسعنا الوصول إلى ما هو غير متاح: الحرية، الرخاء المادي، بل ان الثروة ممكنة كذلك. هذا هو (الحلم الأمريكي). فالحلم الأمريكي ليس طموح المحظوظين والأحرار والذين يعيشون الرفاه المادي، انه حلم الفقراء والمهاجرين الذين يحاولون منذ عدة قرون، بشتى الوسائل، الوصول إلى أمريكا (١).

ولكن هذا الحلم له وجه آخر .. فنحن نعرف منذ البداية ان هناك وجهاً مخفياً لهذا التاريخ الجميل، كذبة خلف المثاليات الكبرى، نوعاً من الخطيئة العامة. فالقارة التي تم اكتشافها من طرف المستكشفين الاوائل لم تكن خالية تماماً، مثلما كان الامر بالنسبة إلى سكانها الاصليين، اذ لم تكن هناك حرية ولا سعادة، ولا حتى حياة. كانت البداية بين المستوطنين والهنود الحمر عبارة عن صدامات ومجازر، ولكن تحالفات ايضاً، وحتى زيجات. لكن لم يطل الوقت حتى بدأت الصدامات بين الطرفين وكان البادئ بها هم المستوطنين الذين جاؤوا من اوروبا، بهدف توسيع مزارعهم وزيادة ملكياتهم من الاراضي، لذا كان طرد الهنود لا رجعة فيه، ومهما بلغ الثمن. فكانت المجازر وعمليات الترحيل الجماعي نحو جزر الانتيل، ومن ثم موجات الموت


(١) هل يجب الخوف من أمريكا؟ تأليف: نيكول باشاران عرض: بشير البكر- جريدة الخليح الاماراتية - ١٥ - ١٢ - ٢٠٠٥

<<  <  ج: ص:  >  >>