للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[جيمس ماديسون]

كان جيمس ماديسون الرئيس الرابع لأمريكا، رجلاً شديد التدين اتجه طموحه ـ قبل أن تجتذبه السياسة ـ إلى سلك الكنيسة، ولذا امتاز على غيره من الرؤساء الأمريكيين المؤمنين بإجادته اللغة العبرية وتبحره في آدابها، أي العهد القديم وكتابات الكهنة والأحبار اليهود (١). وبتأثير تلك الخلفية العبرانية، كان فعل العامل الديني في حالته قوياً، حيث قام بتعيين الداعية اليهودي الشهير (موردخاي نوح) قنصلا فخرياً للولايات المتحدة الأمريكية في تونس ـ بناء على طلب نوح نفسه ـ سنة ١٨١٣م، ليصبح أول يهودي يمثل الولايات المتحدة الأمريكية. وقد تبع هذا التعيين المشؤوم ان قامت أمريكيا وفي عام ١٨١٥م بإعلان الحرب على الجزائر بحجة الدفاع عن المصالح الأمريكية في المنطقة .. ومن الجزائر انتقلت القوات الأمريكية إلى تونس في عام ١٨١٦م (٢).

ولما عاد نوح إلى أمريكا، حاول إقامة مشروع (أرارات) تبركاً باسم الجبل الذي تقول التوراة أن سفينة نوح عليه السلام رست عليه، ليكون وطناً قومياً لليهود على جزيرة بنهر نياجرا، ولما فشلت المحاولة اتجه نوح بمشروعه إلى سوريا، وفي هذا الصدد ألقى محاضرة قال فيها: "إن عدد اليهود قد بلغ ٧ ملايين (كان هذا في١٨٣٧ م) وإنهم يتحكمون في ثروات طائلة لا سبيل إلى مقارنتها بما في يد الآخرين، وعلى هذا فـ (إعادة احتلال اليهود لسوريا) ليست مستحيلة، خاصة وأن دولتهم التي وصفها بأنها حكومة عادلة ليبرالية ومتصفة بالتسامح، ستكون عوناً كبيراً لمصالح فرنسا وإنجلترا" (٣).

وفي سنة ١٨٤٤ م عدل نوح خطته مرة أخرى، عازماً على إقامة وطن اليهود القومي في صهيون (فلسطين)، وكعادته، ألقى نوح محاضرة ضمنها مشروعه الجديد، واقترح أن يتم السعي لدى سلطان تركيا للحصول على موافقته على شراء الأرض اللازمة لإنشاء الوطن اليهودي بأموال اليهود وامتلاكها. ويبدو أن دعوة نوح


(١) المسيحية والتوراة - شفيق مقار ص١٦٧
(٢) الصهيونية المسيحية ـ محمد السماك ص٨٨
(٣) المسيحية والتوراة ـ شفيق مقار ص١٧٤

<<  <  ج: ص:  >  >>