للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحروب الصليبية. وقد شجع هذا كله بعض العقول على التفكير وأدى هذا إلى ضعف العقيدة الكاثوليكية التي فرضتها البابوية بمعرفتها وبأساليبها المتمثلة في صكوك الغفران (١).

ومن النتائج المهمة الأخرى أن حملات الصليبيون فتحت ابواب الاسواق التجارية في الشرق ومهدت لقيام العلاقات التجارية بين الشرق والغرب، وسعت المدن الايطالية وخاصة البندقية إلى احتكار تلك التجارة وعادت عليها بالارباح والثروات (٢). كما عملت الحروب الصليبية على بث النشاط في الحياة المدنية باستخدام أساليب المسلمين التجارية والصناعية، فقد عرف الصليبيون كيف يرسمون الخرائط للبحر المتوسط، وتعرف الصليبيون كذلك على آراء جديدة عن بلاد الشرق واختلاف أصقاعها، ومن هنا جاءت الرغبة في كشف المزيد من أراضي العالم وظهرت الكتب التي تصنف البلاد وترشد المسيحييين القادمين لزيارة الأراضي المقدسة.

ولا شك أن الحركة الصليبية قد أعلت من شأن البابوية في روما إلى حد كبير خاصة بعد نجاح الحملة الصليبية الأولى، فقد كان منظر الامم الأوروبية المختلفة والنبلاء والفرسان والأباطرة والملوك وهم متحدين في صفوف حملة صليبية دعا إليها البابا للدفاع عن قضية دينية، أمرا يدعو للتساؤل عن مدى عظمة الكنيسة الكاثوليكية في روما. ومع علو شأن البابوية كان مندوبو البابا يجوبون البلاد يحثون الأفراد عى التطوع للحروب الصليبية ويجمعون الأموال لها. وقد ارتاح الناس جميعاً لمثل هذا العمل الذي يخدم القضية الصليبية، ولكن عندما استخدمت هذه الأموال في أغراض أخرى غير الحملات الصليبية، وأصبح من حق البابا أن يفرض الضرائب، فقد أثار هذا التحول غضب الملوك ومقاومتهم لمثل هذا العمل. فقد كانت صكوك الغفران تمنح لمن يقوم بالخدمة العسكرية من الأوربيين في فلسطين، وكان ذلك يعتبر عملاً مشروعاً تقبله الناس، وكان منح هذه الصكوك أيضاً لمن يتكفلون بنفقات محارب صليبي من الأعمال المقبولة والمشروعة، ولكن التوسع في منح صكوك الغفران إلى الذين يؤدون الأموال أو الذين يحاربون مع الباباوات ضد الأباطرة


(١) الحرب المقدسة .. الحملات الصليبية وأثرها على العالم اليوم- كارين أرمسترونغ-عرض/ إبراهيم غرايبة
(٢) التاريخ الاوروبي الحديث من عصر النهضة إلى مؤثمر فينا - د. عبد الحميد البطريق و د. عبد العزيز نوار - ص ٤٦ - دار النهضة العربية للطباعة والنشر

<<  <  ج: ص:  >  >>