للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعندما وصل الفرنسيون إلي دمشق، سار قائدهم في موكب إلي ضريح صلاح الدين في المسجد الكبير وصرخ قائلاً بالفرنسية ما معناه بالعربية (يا صلاح الدين ـ لقد عدنا). وعندما وصل الجنرال اللنبي إلي القدس عام ١٩١٧، أعلن أن الحملات الصليبية قد انتهت، وهو بإعلانه انتهاء الحروب الصليبية فقد وضع في فلسطين أسس نظام تمييز عنصري يقضي بفصل الأهالي الأصليين في مناطق معزولة، مولداً بذلك الكراهية والحروب التي كان صلاح الدين قد وضع حداً لها منذ عام ١١٨٧ وحتى عدة قرون من بعده وذلك حين دخل منتصرا إلى القدس فأعاد فتح المعابد اليهودية والكنائس المسيحية (١).

وهنا يجب ان نؤكد ان المسلمون يؤمنون إيماناً مطلقاً بأن الإسلام سيجدد نفسه وينجب صلاح الدين الجديد الذي سيحرر القدس حتي بعد ٢٠٠ سنة من الآن. فقد كانت التجربة الأولي لمسلمي المشرق مع المسيحيين في الغرب خلال الحروب الصليبية عام ١٠٩٩، عندما احتل الصليبيون القدس وذبحوا حوالي ٣٠ ألف مسلم ويهودي في المدينة التي تحولت من مدينة مقدسة مزدهرة إلي بركة من الدماء نتنة الرائحة. وتمكن المسلمون المشتتون من إعادة توحيد صفوفهم وتحرير المسجد الأقصى وتحقق النصر. وهنا فإن المسجد الاقصى يجسد النصر الذي احرزه المسلمون على الصليبيين بريادة عماد الدين زنكي الرائد الأول لقيادة المسلمين إلى قتال الصليبيين في العراق وغيرها من الحدود المتاخمة لهم. ثم تبعه- ولكن بصورة أكثر واشرس- القائد الرباني نور الدين زنكي، الذي صنع منبراً للمسجد الأقصى الاسير، متفائلاً وموقناً بنصر الله للمسلمين. ثم توجت هذه الانتصارات بالقائد المظفر البطل صلاح الدين الايوبي الذي وحد الجبهتين (المصرية والشامية) ضد الغزو الصليبي المتمركز في تلك البلاد حت انتصر في المعركة الفاصلة (حطين) سنة ٥٨٣ هـ (١١٨٧م) (٢).


(١) كيف نصنع المستقبل / روجيه جارودي ـ ترجمة وتقديم د. منى طلبه - د. انور مغيث- ص١٩٠ - دار الشروق- ط٣ ٢٠٠٢
(٢) الشبه بين الحرب الصلبيبية والحركة الصهيونية- عبد اللطيف زكي ابو هاشم - مجلة الفيصل - عدد ٣٣٤ - ص٣٦

<<  <  ج: ص:  >  >>