للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعتقد والإباحية وحرية الإعلام وفق نموذج أميركي جاهز التنفيذ. وأخيراً الجبهة العسكرية وهي الجبهة المفتوحة على مصراعيها في فلسطين بدعمها التام لإسرائيل، وفي أفغانستان وسوريا وباكستان والعراق باعتماد سياسة، من ليس معنا فهو ضدنا" (١).

من هنا فإن التركيز الأميركي على العالم الإسلامي يعبر عن تخوف من إقصاء أكثر منه عن قدرة على توسيع الإمبراطورية ويكشف قلق أميركا أكثر مما يعبر عن قوتها. والتركيز على العالم العربي يفسر أساساً بضعف هذا الأخير الذي يفتقر إلى وجود دولة قوية. فهو بطبيعته كبش فداء. وعليه فالعالم العربي يعد مسرحاً لاستعراض قوة أميركا التي بمقدورها أن تحقق فيه انتصارات، تذكر سهولتها بألعاب الفيديو. ولهذا يعد الخيار الأمريكي المناوئ للعرب خيار السهولة وليس مدروساً. فالعرب يعاملون بسوء لأنهم ضعفاء، ولأن لديهم النفط، ولأنه لا يوجد لوبي عربي فعال في اللعبة السياسية الداخلية الأمريكية (٢).

هكذا تريد أمريكا من عالم الإسلام حكاماً ومنظمات وشعوباً .. إن يصير الإسلام والمسلمون حملاً وديعاً قبالة الذئب الأمريكي لكي يغدو قصعة مشاعة يلتهمها ذوو الأنياب الحادة دون إن ينغصهم شيء أو يعترضهم عارض (٣). ولكن هنالك حقيقة تغيب عن بال أمريكا، وهي أنه ما من قوة على وجه الأرض، تستطيع بالغة ما بلغت أن تقضي على الإسلام، ولو رافقتها كل أنواع المكر وأساليب الزيف والخداع، ومهما أعدت لذلك من الجيوش والأموال والتقنيات والخطط (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون) الأنفال: ٣٦. (ذلكم وان الله موهن كيد الكافرين) الأنفال: ١٨.

ومن خلال عرضنا للتاريخ والفكر الامريكى اتضح لنا انه لا معايير اخلاقيه وانسانيه تحكم العقل الأمريكي الا عقلية الصراع والبقاء للأقوى الذي جسدته ثقافة رعاة البقر (الكاوبوي) في سنوات الهجرة الأولى إلى أمريكا وتجسدها الآن طائرات الاباتشي وأسلحة التدمير الشامل والصواريخ العابرة للقارات والقنابل الحرارية،


(١) بين حضارة القوة وقوة الحضارة - تأليف الدكتور غيات بوفلجة-عرض/سكينة بوشلوح - الجزيرة نت
(٢) بعد الإمبراطورية: محاولة حول تفكك النظام الأميركي- المؤلف: إمانيول طود - كامبردج بوك ريفيوز
(٣) مذكرات حول واقعة الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) - د. عماد الدين خليل- ص٩٧

<<  <  ج: ص:  >  >>