للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال آخر:

تَطاوَلَ ليلُكَ الجَونُ البَهيمُ ... فَمَا يَنجابُ عَن صُبحٍ صَريمُ

إذَا ما قلت أقشع أو تناهى ... جُرَت من كُل ناحِيةٍ غُيومُ

ويُسمى النهار صريماً، وهو من الأضداد؛ لأنّ الليل ينصرم عند مجيء النهار، والنهار ينصرم عند مجيء الليل، وقيل: الصريم: المصروم، أي: صرِم جميع ثمارها، والمعنى: فأصبحت كالشيء المصروم، وقيل: الصريم: الصحيفة، أي: أصبحت بيضاء لا شيء فيها، وقيل: الصريم: منقطع الرمل الذي لا نبات فيه، قال الفراء المعنى: بلونا أهل مكة كما بلونا أصحاب الجنة، وهم قوم من أهل اليمن كان لرجلٍ منهم زرع وكرم ونخل، وكان يترك للمساكين من زرعه ما أخطأه المنجل، ومن النخل ما سقط عن البسط، ومن الكرم ما أخطأه القطاف، فكان ذلك يرتفع إلى شيء كثير، ويعيش به اليتامى والأرامل والمساكين. فمات الرجل وله بنون ثلاثة، فقالوا: كان أبونا يفعل ذلك والمال كثير والعيال قليل، فأما إذ كثر العيال وقلَّ المال فإنا لا نفعل ذلك، ثم تآمروا أن يصرموا في سدف، أي: في ظلمة باقية من الليل؛ لئلا يبقى للمساكين شيء، فسلط الله على مالهم نارًا فأحرقته ليلًا.

(وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ) أي: على منع، من قولهم: حاردت السَّنَة إذا منعت قطرها. وقال الفراء:

على قصدٍ، وقال أيضاً: على قدرة وجدٍّ في أنفسهم، وأنشد في الحرد بمعنى القصد:

أَقْبَل سَيْلٌ جَاءَ مِنْ عِند اللَّهْ ... يَحْرِدُ حَرْدَ الجَنَّةِ المُغِلَّهْ

في كُل شهر دائم الأهلّة

<<  <   >  >>