للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قال قائل: ما تقول فيما ذكره القرطبي حيث يقول رحمه الله: (تفسير الشغار صحيح موافق لما ذكره أهل الغلة، فإن كان مرفوعًا، فهو المقصود، وإن كان من قول الصحابي، فمقبول أيضًا؛ لأنه أعلم بالمقال، وأقعد بالحال) (١).

فجوابنا على هذا: أن نقول: إن مجيء ذلك التفسير موافقًا للغة العرب لا يلزم منه حصر صورة الشغار في هذا المعنى، فلغة العرب يرجع إليها في تفسير ألفاظ الشرع إذا لم يفسرها الشرع أو من أخذ عن المشرع، كالصحابة، وإذا لم يعارض التفسير مقاصد الشرع.

وحصر الشغار على صورة الخلو من الصداق فقط يتنافى مع مقاصد الشريعة، ذلك أنه ربما يكون فيه ضرر على المرأة وظلم لها، ومما يؤيد هذا أن النكاح يصح عقده، ولو لم يسم صداق في العقد، فذكر الصداق أو عدمه ليس له تأثير في صحة العقد أو عدمه.

وأما قولهم: وإن كان من قول الصحابي، فمقبول أيضًا؛ لأنه أعلم بالمقال وأقعد بالحال.

نقول لهم: أثبتوا لنا أنه قول الصحابي، ثم بعد ذلك ننظر في قول الصحابي.

ويمكن أن يقال: للشغار صورتان.

إحداهما: الصورة المذكورة، وهي خلو بضع كل منهما من الصداق.

والصورة الثانية: أن يشترط كل واحد من الوليين على الآخر أن يزوجه موليته (٢)، فيكون عدم الصداق في هذا النكاح بعض العلة في


(١) «فتح الباري» ٩/ ١٦٣.
(٢) انظر: «نيل الأوطار» ٦/ ٢٧٨.

<<  <   >  >>