للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صاحبه فكذلك الزواج بنية الطلاق لا يستر كلاً من الزوجين؛ لأنه لا يحصل به إعفاف بل ربما يعرَّض الزوجة للسقوط متى بقيت بدون زوج.

٢ - ومنها الدوام والاستمرار: يقول الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: ١٩]، وفي ذلك دلالة على أن المراد بالمعاشرة بالمعروف حصول المودة والرحمة على وجه الدوام والاستمرار، بدليل ترغيبه تعالى الأزواج بإمساك زوجاتهم، وقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} دليل على دوام النكاح؛ لأن المعروف بين الناس جميعًا عربهم وعجمهم، مسلمهم وكافرهم أن من يتزوج إنما يريد بزواجه الدوام؛ بل هذا أمر فطر الله عليه الإنس والجن، لو لم يكن ذلك مما فطر الله عليه الناس لما تحقق ما أراد الله من عمارة الكون كما أراد الله تعالى، ولو عرف بين الناس غير الدوام لكان نكاح متعة، فمعاشرة من يتزوج بنية الطلاق ليست معاشرة بالمعروف.

٣ - ومن مقاصد الشريعة أيضًا: حصول الأولاد وإكثار النسل: قال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة: ١٨٧].

وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم» (١)، فهل من يتزوج بنية الطلاق بعد انتهاء مهمته من هذا البلد، أو بعد قدوم


(١) رواه أبو داود والنسائي وابن حبان، وصححه الحاكم كلهم رووه عن معقل بن يسار وهو جزء من حديث، وتمامه: قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال وأنها لا تلد، أفأتزوجها؟ قال كلا ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فقال: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم». وسبق تخريجه ص١٧ حاشية (١).

<<  <   >  >>