للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا وقد كان يعيش في دمشق ولكنه علا بهمته عما فيها من مغريات وجمال.

وهذا الإمام مالك بن أنس رحمه الله إمام دار الهجرة قد روى عنه الإمام ابن القاسم (١)

هذه الحادثة:

((كنت آتي مالكاً غلساً (٢) فأسأله عن مسألتين, ثلاثة، أربعة, وكنت أجد منه انشراح الصدر, فكنت آتي كلّ سحر, فتوسدت مرة في عتبته, فغلبتني عيني فنمت, وخرج مالك إلى المسجد فلم أشعر به, فركضتني سوداء له برجلها وقالت لي: إن مولاك لا يغفل كما تغفل أنت, اليوم له تسع وأربعون سنة ما صلى الصبح إلا بوضوء العَتَمَة (٣) , ظنت السوداء أنه مولاه من كثرة اختلافه إليه)) (٤).

وإذا أردت التوسع في أمثلة عبادة السلف وزهدهم فسيطول بي الأمر, وحسبي ما أوردته دليلاً على علو هممهم.


(١) عالم الديار المصرية ومفتيها, أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم العُتَقيّ بالولاء, المصريّ, صاحب الإمام مالك. كان ذا مال ودنيا

فأنفقها في العلم, وله قدم في الورع والتألّه , ولد سنة ١٣٢ وتوفي سنة ١٩١ رحمه الله تعالى. انظر ((سير أعلام النبلاء)): ٩/ ١٢٠ - ١٢٥.
(٢) انظر إلى هذه الهمة العالية إذ يأتيه قبل الفجر, وفي أيامنا قلّ من يجلس مستيقظاً بعد صلاة الفجر إلى أن يصلي ركعتين بعد ارتفاع الشمس قدر رمح, وإذا طلب من أحد الدرس بعد الفجر يعتذر بأنه موعد غير مناسب, وهذا حتى في أيام الإجازات التي ليس فيها عمل صباحيّ مبكر يحتاج إلى راحة.
(٣) أي العشاء.
(٤) ((ترتيب المدارك)): ٣/ ٢٥٠.

<<  <   >  >>