للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي القسم الخاص بسوريا, كتب الأستاذ فيلكس فارس مقالاً ضافيا عن تاريخها, أعقبه حديث مترجم عن بيروت ولبنان كتبه شاعر فرنسا الأشهر لامارتين, ثم قصيدة لمعروف الرصافي تحت عنوان (ذكرى لبنان)، فمقال عن شمال لبنان بقلم الأستاذ أمين الجميل, وقصيدة عن (هنين) للشاعر المعلوف, وبحث عن طرابلس الشام للشيخ المغربي, أما حلب الشهباء فقد كانت قلعتها التاريخية مجالاً لحديث علمي دقيق كتبه القس جرجس منسن, يليه حديث عن الجامع الأموي بدمشق نقلا عن الرحالة ابن جبير الاندلسي, وبعد ذلك فصل بارع عن تدمر وملكتها العظيمة زنوبيا, وهو على قدمه الزمني من أحسن ما قيل عن المدينة والملكة معا فقد تتبعت حديث تدمر في فصول كثيرة تالية كان حديث الزهور قلادتها على إيجازه, أما الشعر الخاص بسوريا فقد نظمه شعراء مطبوعون مثل الأمير نسيب أرسلان, وخليل مطران، ومصطفى صادق الرافعي, وفي القسم الثالث مقالات وقصائد عن الصلة بين مصر وسوريا هي من أجود ما نضح به اليراع لأعلام أفاضل مثل داود بركات وحافظ إبراهيم وعبد الحليم المصري! وقد ختم العدد بحديث عن الحركة الأدبية في سوريا .. ولعل هذا العرض الموجز يكفي في الدلالة على نفاسة هذا العدد, وتقديره أدباً وروحا واتجاها وحميّة!

المطارحات الشعرية ..

من أحسن ما امتازت به مجلة الزهور ما اهتمت به من المطارحات الشعرية بين كبار الملهمين, إذ كان في تجارب القرائح الصافية مبعث لخواطر دافقة تجيش بالأحاسيس الصادقة, وكأن دوحة ناضرة يشدو على غصن منها طائر مغرد, فيجيبه صنوه على فرع آخر بما يدل على صادق المواساة, فتكون لهذا التجاوب المتبادل رنات مشجية في نفوس القراء. لقد كتب الشاعر عبد الحليم المصري الضابط بالجيش قصيدة شاكية بمجلة الزهور, تصف حال الأديب في مصر, وما يلقى من ضنى على مهاد الجوع والحرمان, جاء فيها:

لا كنت لي يا أدبي حرفة ... إن كان من يعليك قدراً يضام

مصر بنا ضاقت فما حالكم ... في أرضكم يا شعراء الشآم؟

هل أنتمو في أرضكم مثلنا ... ترون سُحْب الجود تبدو جهام

وما كاد هذا السؤال الحائر (ما حالكم في أرضكم ياشعراء الشّآم؟) يدوّي في آفاق القطر الشقيق حتى تواكب الشعراء من كل صوب يجيبونه هاتفين، فقال الأمير نسيب أرسلان من قصيدة:

يابازني الجيش غداة الصدام ... من علّم البيزان سجع الحمام

هيّجت يا مصريّ شجوى وما ... أحلى جوًي أذكيته في العظام

يا عاتبا حينا على خطه ... قبلك كم من عاتب في الأنام

وقال الأستاذ عيسى اسكندر المعلوف:

قد ضاق للشعر بمصر المقام ... وانتابه العقم بأرض الشآم

أبناء سوريّا ترد الصدى ... وتندب الشعر بدمع سجام

قد ضاقت الدنيا على شاعر ... حتى تمنى أن يحين الحمام

ومما قال الأستاذ (ف. نصار) من لبنان:

ياشعراء النيل لا تجزعوا ... قد صافحتكم شعراء الشآم

لا كنت لي يا وطني مسكنا ... إن كان فيك الحر خُلْقا يضام

أو كان هذا الخط لا ينجلي ... ما أضيق العيش وأشقى المقام

وجاء من البرازيل فايز سمعان وهو لبناني الأصل يقول:

يا بلبل الشعر عليك السلام ... شآمنا مصر ومصر الشآم

مالك بالقطرين من منهل ... ولي وراء البحر طاب المقام

فلتحترف غير القريض وقل ... يا دولة الشعر عليك السلام

<<  <  ج: ص:  >  >>