للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن تفهم، لكنها لا تفهم. . .

* * *

ألا كسروا باليأس الأقلام وأزيلوا المداد عن الطروس، والجموا الشفاه المتمتمة، وشدوا وثاق الأيدي المتحركة للدلالة والكتابة!

عند هذا الخراب الهائل والتهدم الموجع تفوح رائحة الأكفان، وتتطاير عطور القبور، ويعبق فضاء المخيلة من غيوم البخور المحرق على هذه التي دكتها الدهور!

كسروا الأقلام ومزوقوا الطروس! إن هذا الموقف لا يجوز فيه التأبين إلا بحزن الجماد ولوعة النفوس.

أتأبين الأرواح لازلت للأفئدة مفطراً، ما دامت عبر الزمان تطرح بالجبابرة على حضيض الهوان! أدموع القلوب لازلت محرقة كشعلات النيران مادامت تبتر سلسلة الحياة، وتعتل حركة القلوب!

أآثار الحياة لازلت غالية كزهور الآمال وسواد العيون، مادامت الآمال تذوي بالمتأمل، ومادام سواد الموت يبيض سواد العيون!.

أأعمدة بعلبك لازلت محطمة، صامتة، محزنة مادامت بقايا المنى راقدة في زوايا المهج، وخيالات الآلام والأوجاع هاجعة في طيات الصدور!

إذا كان الدهر يهزأ بهذه الجدران الدهرية، فماذا أنتم من الدهر منتظرون؟ إذا كانت خيالات أقدام الزمان تمر على هذه القوات المشيدة والعظائم المؤيدة فتسحقها سحق الصخر للتراب فماذا تعني بعد ذاك حركة قصبتكم المضحكة، ونقش أوراقكم البالية؟ أين من الأمكنة موضعها،

<<  <  ج: ص:  >  >>