للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والزهو والمفسدة ثم التجارة والصناعة والزراعة والمعارف والفنون وما شاكلها، كان لكلمة المدنية أو التمدن معنى محصور لا يتجاوز مفهومه دائرة الأخلاق وآداب الاجتماع، وكانت الولايات المتحدة بهذا المعنى أحط من أكثر بلدان العالم ومساوية للبعض الآخر الأقل. وإذا شاء أحد أن يرد قائلاً إن المتمثلات وما يجانسها لمن مظاهر المدنية وأدلة الرقي قلنا نعم ولكن إذا روعيت فيها شروط وضعها لا حسب مصيرها. أما وهي في هذه الحالة فهي هاوية تسترها أزهار وتغشاها رياحين.

ما أنا معترض على المتمثلات بعينها وأخص منها الشرقية التي لا تزال الحشمة تلازمها فلا تضيع الفائدة المقصودة من التمثيل، وإنما أشجب تلك المتمثلات الأمريكية وما تدرجت إليه مما يستظهر به الضعف الإنساني على إرادة صاحبه. وكلكم يعلم أن إرادة المرء موكولة إلى ما يحيط بها من العوامل الخارجية فهي كقطعة من الحديد تدور بها قطع من المغناطيس فتنجذب إلى أقواها فعلاً عليهاً.

ومن الغريب المدهش أن كل ما يجري فيها متسامح به ولو بدت منه أقل حركة وأنزه إشارة في المجتمع لاستوجب فاعلها الرجم. وهذا أشبه شيء ببعض الحكومات التي تمنع الميسر في بلادها من وجه وتجيزه وتحلله من وجوه، كأن المقام والاسم إذا اختلفا تختلف بهما الحقيقة والجوهر.

من مذلات الفتاة الأمريكية بين بنات جنسها، ومن دواعي حزنها العميق أن لا تكون حبيبة إلى كل القلوب. تبيح لها الحقوق الشرعية

<<  <  ج: ص:  >  >>