للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زهرة بنفسج

الدكتور نقولا فياض أشهر من أن يُعرَّف , فهو الشاعر الذي يسحر القلوب , والخطيب الذي يسترقّ الألباب. وستتحف الزهور قرَّاءَها تباعاً بما ستجود بهِ قريحة هذا الأديب الكبير. وهذه القصيدة الرقيقة باكورة ما تقدمهُ إليهم:

أهوى البنفسج آية الزَّهرِ ... في الشكل والتصوير والعطرِ

وأحبّهُ في الأرض مختبئاً ... وأحبُّهُ في بارز الصدرِ

ولكل عذراءِ أقدّمهُ ... ما دام فيهِ حياؤه العذري

لكن شجاني منهُ حادثة ... أجرتْ دموع عرائس الشعرِ

هي زهرة بجوار ساقيةٍ ... نبتت وعاشت عيشة الطهرِ

لم تدرِ غيرَ العشب مُتَّكأً ... وسوى عناق الماءِ لم تدرِ

فا فاستيقظت يوماً كأن بها ... سكراً وقد شربت ندى الفجرِ

تبكي جوًى وتقول ما أملي ... لو عشتُ خالدةً بذا القفرٍ

حسناء لكن لا عيون ترى ... حسني ولا من عارفٍ قدري

هلاَّ صعدتُ إلى ذُرى جبلٍ ... وبدلتُ هذا الكوخ بالقصرِ

فأرى الجديد من الوجود وما ... تحوي معاني الكون من سحرِ

وأشارف الدنيا وأجعلها ... تطوي مناظرها على نشري

قالت وقام بها الهوى فمشتْ ... في القفر مثل ظبائهِ العُفرِ

والريح تحملها وتقعدها ... وتموج بين الشعر والخصر

حتى إذا صعدتْ وما ابتعدت ... وقفتْ تجيل الطرفَ عن كبْرِ

فرأت بساط العشب منتشراً ... تلوي عليهِ معاطف النهرِ

جاراتها في الحيّ نائمة ... حمراً على أعلامها الخضرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>