للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بقدر ما تمسّ الحاجة إليهِ. وأن يقنع بالشيء اليسير منها , إذ لا شيء أغنى من القناعة. ومن هضمَ دنياه وزهدَ فيها لآخرته , لم يحرمهُ الله بذلك نصيبه من الدنيا؛ ولم ينقصه من سروره فيها وأن لا يبيع آخرته بدنيا

غيره حتى ولا بدنياه. وينبغي للعاقل أن يستقرئ أخبار السالفين وأعمالهم , فيأخذ بالإحسان منها عملاً , ويترك القبيح , ويذهب مذهب من سلك طريقاً هداه إلى الحق , وإلى الصراط المستقيم , ويتجنّب منهاج قوم يجرُّ ناهجه إلى الضلال , وسوء المنقلب. وإن لا يكون غير ذي دين , فإن الدين رابطةُ الإنسان بحلاله وحرامهِ , وإن لا يظن إلاّ حسناً , ولا يكون شيء الاعتقاد في الناس , فإن سوء الاعتقاد في الناس , فإن سوء الاعتقاد روح الفساد. وينبغي للعاقل أن لا يُبغّض إلى نفسه عبادة ربه , وإن يساوي بين معاشهِ ومعاده , وإن لا يترك مجالاً لنفوذ أحدهما على الآخر. وأن يعمل فيها عمل من يأمل أن يموت هرماً , وعمل من يرجو أن يموت غداً. وأن لا يفرح بالكثير من المال إذا ناله , لا يحزن لقلته إذا فقد الكثير منه. وإن يصنع المعروف مع كل فردٍ من أبناء جنسه. وإن يجود على الناس بما وسع الله عليه من الرزق , وينتهز فرصة نعم الله عليهِ , فيتفضل بها قبلَ زوالها. لأن الغد وراء الغيب , والمرءُ لا يعلم من نفسه إلاّ ماضيها وحاضرها. فهو في مستقبله كالأعمى المسالك طريقاً وعراً في ليلة ليلاء , لا يدري أينَ يضع قدمه , في النار أم في البحر. وينبغي للعاقل أن يكون جلداً صبوراً إذا ما انتابته نوائب الزمان , وطوارق الحدثان. وإن لا يترك حاسديه يشعرون بما أصابه من المصائب. وأن يكون ذا حزم وإقدام , وأن لا يصدّه أدنى عائق يعيقه عما يحاوله من صعاب الأمور. وأن لا يتهاون بصغار الأشياء ولا يستعظم في عين كبارها. فإن الصغار يلدن الكبار. ومن هاب الشيء العظيم خسر ما دونه. وينبغي للعاقل أن ينظر على عيب نفسه , قبل أن ينظر إلى عيب غيره. وأن

<<  <  ج: ص:  >  >>